الحكومة والنقابات وحماية حقوق العاملين
بقلم: طارق أحمد مصطفى
يعتبر أهم أهداف العمل النقابي هو حماية حقوق العاملين، وضمان أن يكون عملهم “لائقاً”، وقد سعت منظمة العمل الدولية لتقديم معايير محددة تضبط مفهوم العمل اللائق.
وتتركز حقوق العمال فى شقين أساسيين: وهي شروط وظروف العمل. فأما الشروط فهي ما يتعلق بالأجر وملحقاته. وأما الظروف فإنها تتعلق بأمان العمل وسلامته وجودة بيئته، ولا يكون العمل لائقاً إلا إذا توافرت له شروط وظروف العمل اللائق وفق ما تعارفت عليه الاتفاقيات الدولية والدستور والقوانين الوطنية.
وفيما يتعلق بشروط العمل: فإن العمل اللائق يتطلب أن يكون أجر العامل كافياً لاحتياجاته، مكافئاً لجهده ومسئولياته، يضمن له حياة كريمة، مقارباً للعرف السائد بسوق العمل. وتقع مسئولية تدبير أجر العامل بالكامل على صاحب العمل الذي يقوم باستخدامه واستغلال وقته وجهده.
ومن المهم أن نفهم أن الأجر هنا يشمل كل ما يدخل فى مفهوم الأجر من أجر أساسي وشامل وعلاوات ومنح ونسب أرباح وغير ذلك مما يدخل فى باب الأجر.
وفي هذا الباب، فإنه لا يجب تحميل أجر العامل بتكاليف تخص التزامات صاحب العمل مثل: نقل العامل لمكان العمل أو تدريبه من أجل تحسين كفاءته في العمل أو علاجه من أصابات وأمراض العمل أو توفير الزي المخصص للعمل أو أي تكاليف تخص تنفيذ المهام المكلف بها، فكل ذلك يعتبر نوع من التحايل على حقوق العامل في الأجر الذي يجب أن يكون خالصاً لمنفعة العامل وأسرته فقط.
كما لا يجوز لصاحب العمل الخصم من أجر العامل بصورة تعسفية، ولا يكون ذلك إلا بناء على تحقيق قانوني صحيح، بناء على وقوعه تحت طائلة لائحة الجزاءات التأديبية القانونية، وتعد لائحة الجزاءات جزء من عقد العمل الجماعي للعاملين مع صاحب العمل ومن ثم يجب أن يشارك ممثلو العمال فى صياغتها واعتمادها حتى تكون ملزمة، وفي حالة الخصم من العامل وفق لائحة الجزاءات المعتمدة لا تعود هذه الأموال لصاحب العمل، بل تعود إلى مؤسسات مخصصة لخدمة العمال ورفع كفاءتهم مثل المؤسسة الثقافية العمالية والمؤسسة الاجتماعية العمالية.
وبناء على ما تقدم فإنه ليس من اللائق في عرف علاقات العمل الجيدة أن يتم تحميل العامل بالمخاطر الاقتصادية التي يتعرض لها صاحب العمل، فالعامل غير مسئول عن تحمل فشل صاحب العمل فى إدارة أعماله واصوله وفي الحصول على تدفقات نقدية توفي بالتزاماته، ويظل حق العامل فى كامل أجره وملحقاته قائماً ما قامت المنشأة ولم تُغلق، حتى فى حالة إغلاقها أو إفلاس صاحب العمل لأي سبب من الأسباب تظل حقوق العمال فى أجورهم كاملة مضمونة وتمنح لهم قبل قسمة الغرماء.
ومن أجل قدسية هذه الحقوق فإن القيادات العمالية تضع في مقدمة أولوياتها ضمان استمرار حصول العامل على حقوقه من الأجر وملحقاته، والنقابيون يعون جيداً أنه بدون هذا الجهد لا يعد لوجود النقابات أي معنى أو أهمية، فالنقابات وجدت من أجل تمثيل العمال أمام أصحاب الأعمال، من أجل ضمان علاقة عمل صحية تضمن حقوق العمال.
وعلى وزارة القوى العاملة أن تتدخل من خلال أجهزتها إذا شعرت أن هذه العلاقة أصابها شيئ من الخلل أو عدم التوازن ، أو إذ شعرت بتراجع أحد الطرفين عن الوفاء بالتزاماته، فإن تدخلها هنا ليس تفضلاً ولكنه جزء أصيل من دورها من أجل حماية المؤسسات من الانهيار وحماية فرص العمل المتوفرة وحماية حقوق طرفي علاقة العمل. وتقاعس الحكومة عن أداء هذا الدور بشكل متوازن هو اعتراف منها بالفشل فى ضبط علاقات العمل وانحياز ضمني لظلم الطرف الأضعف وهو العامل، وتعجيل منها بحدوث صدام بين الطرفين، وهو ما يؤثر على استقرار الحياة الاقتصادية برمتها.
Categories: أعمدة الرأى, تثقيف عمالى, كلمة و مقال