الجامعة العمالية .. تاريخ عريق و تطوير مستمر
بقلم : بسنت منجي
كان التعليم الفني والتكنولوجى هو المعبر الآمن والسريع لتحقيق النهضة الصناعية الشاملة لدول كبرى مثل ألمانيا واليابان ، بينما ظلت الصورة الذهنية لهذا الرافد المهم من أنواع التعليم مشوهة داخل الموروث المجتمعى العربى، وللحق كان تردى منظومة التعليم الفنى حقيقةً لا يمكن إنكارها؛ لذا جاءت الخطة الطموحة لتطوير التعليم الفنى بشقيه بالإضافة إلى تدشين طريق التعليم التكنولوجى المتخصص عام 2017م بمثابة التصويب الاستراتيجي لمسار التعليم المصري ، تلك الخطة التى تبنتها الدولة بكافة أجهزتها حيث عملت على إستبدال الصورة الذهنية السلبية بإستعادة الثقة فى جدوى وفاعلية هذا النوع التعليمى الذى يعد الركيزة الأساسية لأى نهضة صناعية مأمولة ، وقد قامت الدولة المصرية بإفتتاح العديد من الجامعات التكنولوجية (أربعة عشر تقريبا) منذ عام ٢٠١٩مما يعكس إهتمامها البالغ بتكريس هذا النوع من التعليم و بث الثقة داخل نفوس الطلاب وأولياء الأمور ،مع خلق حالة من القبول المجتمعى داخل الوعي الجمعي العام بأن المستقبل فى أشد الاحتياج لخريج الجامعات التكنولوجية بما يحمله من جدارة علمية وكفاءة مهنية معاً.
تعد الجامعة العمالية هي أعرق الجامعات ذات الطابع التكنولوجي و التطبيقي بمصر ، فكان لها الريادة في التعليم الفني العالي الذي يوفر الأيدي العاملة الماهرة في تخصصات نادرة يطلبها سوق العمل المحلي والعربي ، لقد أنشأت الجامعة العمالية (التي تعد أحد قطاعات المؤسسة الثقافية العمالية و التي بدورها تتبع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر) بالقرار الجمهوري رقم 156 لعام 1985 بغرض تقديم نوعية من التثقيف الرفيع لجموع العمال وأبناءهم ، ثم تطور الغرض منها إلى تقديم نوعية فريدة من التعليم الفني العالي ذي الطابع التكنولوجى، و ذلك حينما جاء القرار الجريء لمجلس إدارة المؤسسة الثقافية العمالية بتحويل شعبتي التنمية التكنولوجية والعلاقات الصناعية إلى التعليم الجامعي للطلاب بشكل أكاديمي وتحت إشراف كامل من وزارة التعليم العالي ، و هي التي أصدرت بدورها القرار الوزاري رقم 1600لعام 1994م بإنشاء الشعبتين بالجامعة العمالية و الموافقة على إدراجهما في التنسيق الرسمي لقبول الطلاب بالجامعات ،وكان هذا الإفتتاح الرسمي حدثاً في حينه ثم تطور الامر سريعاً نحو الأفضل، حيث تم تحديث الشعبتين في وقت وجيز ، ليصدر قرار وزير التعليم العالي رقم 1042 لعام 1997 بالموافقة على تطوير الدراسة بشعبة العلاقات الصناعية لتصبح مدة الدراسة بها 4 سنوات، وتمنح خريجيها درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال الصناعية ؛ ثم صدر قرار وزير التعليم العالي رقم 1464 لعام 1997 أيضاً بتطوير الدراسة بشعبة التنمية التكنولوجية بمدة دراسة 4 سنوات ،وتمنح درجة البكالوريوس في تخصص نادر ومتفرد وهو رقابة الجودة الإنتاجية في المصانع والمنشآت، وهو أحد الميزات الكبرى التي أنفردت العمالية بتقديمها إلى قطاع التعليم الجامعي.
وصارت شعبة التنمية التكنولوجية هي الرافد الوحيد لسوق عمل متعطش لهذا التخصص الذي لا غنى عنه داخل المصانع ومواقع الإنتاج، فلابد من تواجد مراقب الجودة الذي يضطلع بمهام ضبط المعايير الإنتاجية مما يتيح حصول المنشآة على العلامات والشهادات الدولية ومن ثم فتح الأسواق العالمية أمام منتج مصري يحقق معايير الجودة الشاملة.
توالت نجاحات الجامعة العمالية وصارت ذائعة الصيت لا سيما بعد صدور القرار الوزاري رقم 63 لعام 1999 بتعديل اللائحة الداخلية للجامعة ومنحها أحقية إنشاء فروع جديدة بالمحافظات ،وبالفعل لم تتوان الإدارة العليا للجامعة بمساندة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ، حيث تم إنشاء عشرة فروع خلال بضع سنوات لا أكثر بالإضافة للمركز الرئيس الكائن بالقاهرة.
Categories: أخبار, أخبار الجامعة, أعمدة الرأى, إطلالة تاريخية, السلامة و الصحة المهنية, المؤسسة الثقافية العمالية, المدرب المحترف, تثقيف عمالى