هوامش حول الخطاب الديني
بقلم الكاتب الكبير : أنور الهواري *
١- أسمع مراراً وتكراراً من فضيلة المفتي وكذلك من فضيلة وزير الأوقاف وغيرهما من المشايخ الأجلاء الإشارة إلى رئيس الجمهورية بمصطلح ” ولي الأمر ” .
٢- مصطلح “ولي الأمر” هو مصطلح موروث عن القرون الوسطي ، وهو – تقريباً – يعد بمثابة خلاصتها المركزة وعصارتها المقطرة ، لأنه يعبر عن فرد مسلوب الإرادة ، كما يعبر عن مجتمع يقوم علي الطاعة ، مثلما يعبر عن دولة تقوم علي التغلب .
٣- و تلك المفاهيم برمتها -{مصطلح ولي الامر ، الفرد مسلوب الإرادة ، مجتمع الطاعة ، دولة التغلب}- تعد هي النقيض الموضوعي لمفاهيم الفكر الحديث و المجتمع الحديث و الدولة الحديثة ، كما تعد هي بمثابة ترسانة التخلف و راعيته وداعمته والمحافظه علي بقائه أبد الدهر .
٤- ففي العصر الحديث ، لا ولاية لأحد على أمر أحد ، كل مواطن ولي أمر نفسه فيما يخصه من أمور فردية و عائلية و .. إلى آخره ، أما في الأمور العامة فكل المواطنين شركاء في تحمل مسؤوليتها علي قدم المساواة رأساً برأس و قدماً بقدم و كتفاً بكتف ، حيث لم يعد أحد أفضل من أحد ، ولا أحد أدني من أحد ، فكل المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات .
٥- أما فيما يخص رئيس الجمهورية فإن الفقه الدستوري الحديث قد باعد بينه وبين حكام القرون الوسطي مثل ما بين السماء والأرض من تباعد ، فهو يحكم ولا يملك ، ثم إنه يحكم بالدستور و القانون وليس بالرغبة ولا بالنزوة ، ثم هو مؤقت غير مخلد ، كما إنه يأتي بإرادة الناس ويغادر بإرادتهم ، ثم هو مقيد بالمؤسسات و توزيع السلطات والصلاحيات ، ثم هو خاضع لرقابة البرلمان والصحافة والإعلام والرأي العام ، ثم هو قابل للمساءلة والنقد والمراجعة والمحاسبة والمحاكمة والعزل عند إقتضاء الأمر .
[ الفقه الرسمي تقليدي وقديم وغير مساير للعصر ومحتاج تحديث وهو – للأسف الشديد – طبعة متخلفة من الخطاب الديني التعيس ].
*رئيس تحرير جريدة المصري اليوم الأسبق.
* رئيس تحرير جريدة الوفد الأسبق.
Categories: أعمدة الرأى