Menu

أنظمة إدارة النفايات والصحة العامة

بقلم: محمد السيد شتلة 

من الثابت أن أنظمة إدارة النفايات لها مبدأ شامل لحماية الصحة العامة حيث يجب الاعتماد على استراتيجيات مختلفة لتقليل النفايات وتحقيق الاستفادة المثلى من أى نفايات لها قيمة، وتقليل أى مخاطر للتلوث من ممارسات إدارة النفايات وإذا ما نظرنا إلى ما يعرف بالتسلسل الهرمى للنفايات وجدنا أنه يسرد للطرق المختلفة للتعامل مع النفايات وفقاً لما هو أفضل بالنسبة للبيئة بدءً من الأكثر فائدة وصولاً إلى “التخلص” وهى الطريقة الأقل تفضيلاً للتخلص من معظم النفايات وتعتمد جميع اصدارات التسلسل الهرمى للنفايات على رسالة واحدة تتمثل فى
– التخفيض أو التقليل ويأتى ذلك فى الجزء العلوى من التسلسل الهرمى ويتمثل فى الحد من النفايات وهذا هو الخيار الأفضل لأن الطريقة الأكثر فعالية للحد من الآثار الصحية والتأثيرات البيئية للنفايات هى عدم إنتاج النفايات فى المقام الأول.
– إعادة الاستخدام أو الاستعمال ويمكن تعريف اعادة الاستخدام على أنها استخدام منتج النفايات دون مزيد من التحويل ودون تغيير شكله أو طبيعته الأصلية وهذا هو الخيار الثانى فى التسلسل الهرمى للنفايات ، ويمكن إعادة استخدام أنواع مختلفة من النفايات الصلبة أو استخدامها لغرض مشابه للغرض المقصود أصلاً مثل ” الملابس “.
– إعادة التدوير وهذا يعنى أنه تتم إعادة معالجة النفايات قبل استخدامها فى صنع منتجات جديدة.
– الاسترداد وهذا يتعلق بإيجاد استخدامات أخرى للنفايات التى تتيح استخراج بعض القيمة أو استردادها منها ، عادة باستخدامها كمصدر للطاقة نحو إنتاج غاز البيوجاز ، يتم تضمين السماد ، وهى العملية التى يتم فيها تحويل النفايات العضوية القابلة للتحلل ( نفايات الطعام والحدائق ) إلى مادة شبيهة بالتربة ( كمبوست ) فى عملية بيولوجية طبيعية ضمن فئة الاسترداد.
– التخلص وتهدف عملية التخلص من النفايات إلى عزل النفايات عن الناس والبيئة بشكل لا يسبب ضرراً يتم القيام بذلك بشكل شائع عن طريق استخدام مواقع دفن للنفايات يتم التحكم فيها بإحكام ومنظم ، على الرغم من إمكانية استخدام المعالجة الحرارية ذات الحرارة العالية للنفايات الخطرة.
لقد تم تطوير التسلسل الهرمى للنفايات للنظر فى الفوائد البيئية لأنواع مختلفة من معالجة النفايات ، ولم يذكر شىء عن تكلفة الخيارات المختلفة أو مدى سهولة استخدام أفضل الخيارات لنوع معين من النفايات.
من الواضح أن تقليل النفايات يساعد بطريقتين أساسيتين أولاً فى تجنب غازات الدفيئة المرتبطة بصنع المنتجات
( المواد ، التصنيع ثم التوزيع ) ، وثانياً يستفيد المجتمع من عدم الاضطرار إلى التخلص من النفايات التى قد تنتج عن المنتجات أو إدارتها .
إن وجود إطار عمل لأفضل الخيارات البيئية لإدارة النفايات هو بالطبع أمر جيد للغاية ولكن وضع مثل هذه الخيارات موضع التنفيذ هو مسألة أخرى .
يجب أولاً قبل تطوير نظام مقبول بيننا لإدارة النفايات تحديد حجم المشكلة على أن يتبع ذلك نظام جمع رسمى للنفايات الصلبة البلدية ومن ثم اختيار أفضل الخيارات بيئياً يمكن استخدامه لمعالجة النفايات.
وتظل القضية المهمة هى أن البيانات لا يتم جمعها بشكل منهجى فالبيانات عادة ما تكون سطحية وغير مكتملة ولا توجد احصائيات توليد النفايات بشكل موثق فغالباً ما توصف بيانات النفايات على أنها مقدرة.
وتكمن الاستراتيجية فى التجميع الرسمى فالنظام الرسمى فى كثير من الحالات يتم تحريضه وتسهيله من خلال مجالس المدن البلدية ويجب أن تكون الخطوة الأولى فى تحسين معالجة النفايات ، إن التعاون الحكومى مع القطاع غير الرسمى من شأنه أن يحسن القطاع ككل ويعزز المزيد من المساواة للقائمين بإعادة التدوير فى الشوارع.
ولابد من وجود نظام الزامى لجمع النفايات الصلبة البلدية وفصلها لفرض لوائح تضمن التعامل الآمن مع المواد وحماية البيئة .
تعد الحاجة إلى الفهم الصحيح لطبيعة مكونات النفايات الصلبة البلدية أمراً ضرورياً إذا كان سيتم تحديد المعالجة الصحيحة للنفايات فهناك حاجة إلى معرفة طبيعة وحجم المشكلة قبل أن يتم حلها عن طريق اتخاذ تدابير لتعزيز الحد من النفايات وخير مثال لتوضيح ذلك نفايات الطعام حيث يمكن فقدان الطعام فى جميع مراحل الانتاج من المزرعة إلى المائدة هذا فضلاً عن عادات الأكل الغريبة وتناول المزيد من الوجبات السريعة واللحوم ومنتجات الألبان.
ويمثل اهدار الطعام أيضاً اهداراً لموارد المواد والطاقة والعمالة التى استخدمت فى انتاج الغذاء ، كما أنه يمثل معضلة أخلاقية من حيث أنه حتى فى الاقتصادات الأكثر تقدماً هناك دائما أشخاص بحاجة إلى المزيد من الطعام المغذى مع ازدياد ثراء الاقتصادات يزداد هدر الطعام بشكل عام لكن الاتجاهات يمكن أن تختلف على مستوى العالم فليس من السهل قياس كميات نفايات الطعام فى النفايات التجارية والمنزلية حيث يمكن أن تتطلب أخذ عينات من صناديق القمامة الفردية وتبرز مشكلة هدر الطعام بشكل كبير فى المطاعم الكبرى حيث يتم استخدامها فى المناقشات التجارية والمآدب والحفلات .
ليس من السهل الحد من هدر الطعام من المنازل أو تجارة المطاعم ،إذا زادت تكلفة الطعام فقد يؤدى ذلك إلى تقليل الهدر خلاف ذلك فإن الدعاية هى أداة مهمة كمثل ارسال رسائل متنوعة وغير ربحية على وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من الحل.
إن الأمر لايقتصر فقط على ” هم ” ولكن أيضاً على ” نحن ” وتغيير سلوكياتنا ، وهذا يترك إمكانية جمع مخلفات الطعام بشكل منفصل ومحاولة استخراج بعض القيمة منها على الأقل.
إن معرفة تركيبة النفايات الصلبة المحلية ومقدار نفايات الطعام منها هى الخطوة الأولى لتطبيق ذلك حيث عادة ما يتم مع تلك النوعية من النفايات باستخدام أجهزة الهضم اللاهوائية لتحويل روث الحيوانات إلى طاقة قابلة للاستخدام
وهناك وسيلة أخرى للتعامل مع النفايات من خلال تحسين التكنولوجيا فالحرق والترميد للنفايات الصلبة المحلية من شأنه التقليل وبشكل كبير من حجم النفايات التى يجب التعامل معها وهو طريقة مهمة للغاية .
لقد تم تطوير التكنولوجيا فى جميع أنحاء العالم لاستخدام الطاقة الحرارية المتولدة فى المحرقة إما لتسخين المياه التى يمكن توصيلها بالأنابيب إلى المنازل والشركات أو لتوليد الكهرباء .
يجب معالجة مخرجات الاحتراق أو الطاقة من النفايات مثل الرماد والغازات لجعلها غير ضارة قدر الإمكان قبل انبعاثها إلى البيئة على سبيل المثال يمكن التحكم بشدة فى ظروف الاحتراق لتدمير المواد الكيميائية الضارة من خلال استخدام مصانع بموجب لوائح قانونية صارمة بشأن ما يمكن أن تنبعث منه فى الغلاف الجوى
ومن الأهمية بمكان فيما يخص أنظمة إدارة النفايات الإشارة إلى وسيلة مهمة وهى استراتيجية استخدام الأدوات الاقتصادية والقانونية .
تعتمد دول كثيرة وبشكل مفرط على الطمر والدفن للنفايات بجميع أنواعها بما فى ذلك النفايات الصلبة المحلية على اعتبار أن الطمر وسيلة رخيصة للتخلص من النفايات وكانت الغالبية العظمى من النفايات حتى التسعينات يتم القاؤها فى مكبات النفايات بدلاً من اعتبارها مورداً للطاقة أو اعادة التدوير لذا يعد فرض واستمرار ضريبة مدافن النفايات أحد أسباب ارتفاع معدلات إعادة التدوير للنفايات الصلبة ولهذا يعد ادخال نظام ضرائب مناسب على التخلص من النفايات الصلبة البلدية من خلال الطمر تشجيعاً على المزيد من إعادة التدوير بصرف النظر عن الطرق الاقتصادية لتغيير السلوكيات تعتبر المتطلبات القانونية أدوات مهمة كأن تلتزم الدول بتقليل كمية النفايات البلدية القابلة للتحلل الحيوى مثل نفايات الطعام والحدائق والتى يتم دفنها إلى مستويات منخفضة بنسب معينة على مدار سنوات معينة على نحو ما نجده فى قانون الاتحاد الأوروبى مثلاً كجزء من خطط للحد من الاحتباس الحرارى وانبعاث الغاز.
كما نجد أيضا من المتطلبات القانونية التى يجب أن تسود ضرورة الكشف فى الوقت الفعلى عن بيانات تصريف التلوث من الصناعات الرئيسية وأن يتضمن القانون فرض غرامات أكبر على المتسببين فى التلوث .
أخيراً وليس آخراً أود الإشارة هنا إلى خطر يجب التعامل معه بشكل عاجل وآنى ألا وهو جبس الفسفوجبس أو جبس الفوسفات وهو منتج ثانوى لصنع الأسمدة والذى يحتوى على مواد مثل الزرنيخ واليورانيوم والراديوم وكل هذا من شأنه أن يؤدى إلى الوفيات بسبب السرطان حتى لا نتفاجأ بظهور ما يعرف بالقرى السرطانية على غرار تلك القرية السرطانية التى ظهرت فى الصين وتدعى قرية ليوتشونغ حيث بلغ معدل الاصابة فيها بالسرطان أعلى مما هو متوقع بين عامة السكان نتيجة إلقاء جبس الفوسفات فى المنطقة من قبل شركة محلية.

 * مدرب بمعهد السلامة والصحة المهنية
المؤسسة الثقافية العمالية.

Categories:   أعمدة الرأى, السلامة و الصحة المهنية, الصحه

Comments