لطائف بلاغية
بقلم : أ.د. احمد فتحي الحياني
” … وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ” الطلاق/٢ .
فعل التقوى : ( وَمَنْ يتَّقِ اللهَ ) هو : ( فعل الشرط ) ، لاسم الشرط ( مَن ) . وجواب الشرط ( يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) .
والتقوى : أن تفعل ماأمرك الله به ، وتنتهي عما نهاك عنه .
فإذا فعلتَ ذلك أمرًا ونهيًا تحقَّق المشروطُ بالتقوى وهو : (جواب الشرط ) : ( يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) .
بأن يجعلَ اللهُ لك من كل أمر ضاق عليك مخرجا للنجاة منه والخلاص في كل أمر من أمور دنياك وآخرتك . وذلك بدلالة اسم الشرط الذي فيه العموم فيشمل الأفراد ويشمل المجتمع .
ويشمل كل أمر يتعلَّق بالحياة من أمور معيشية ومالية واجتماعية واقتصادية…على صعيد الأفراد والمجتمع .
وفي الجملة المباركة تصوير بالاستعارة ، وهي استعارة لطيفة فيها :
تشبيه المصائب التي تحُلُّ بالفرد أو المجتمع والكروب والضائقات… ، أي : كل أمر ضاق على الناس ، تشبيهه بالمكان المظلم المخيف المغلق عليهم من كل جانب لامخرج منه ولامنجى ، ثم ذكر (مخرجًا ) الذي هو اسم مكان للخروج من ذلك المكان المُطبِق عليهم المُظلِم ، ذُكِرَ بوصفه لازمة من لوازم ذلك المكان على سبيل الاستعارة المكنية .
هو مخرج ونجاة وخلاص بلطف من الله ، بفعل تقوى الله والأعمال الصالحة :
سواء أكان كربًا من شدائد الدنيا أم كربا وهولا من أهوال وشدائد الآخرة التي تبدأ بالموت وسكراته ، والقبر وأهواله ، أو أهوال يوم القيامة ومواقفه وشدائده ، ومن نارجهنم – أعاذنا الله وإياكم منها – ومن نجّاه الله من النار أدخله جنات النعيم – جعلنا الله وإياكم من أهلها .
فالتقوى هي المنجية من تلك الكروب… ، وبركات التقوى تَعمُّ الأفراد والمجتمع في الحياة الدنيا قبل الآخرة ، جعلنا الله وإياكم من المتقين .
Categories: الإعجاز فى القرأن و السنة