لطائف بلاغية
بقلم : أ.د/ احمد فتحي الحياني
” وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ” الإخلاص/٤
من روائع فن (الجناس التام ) ماورد في سورة الإخلاص التي تعدل قراءتها ثلاث مرات أجر قراءة القرآن .
بين اللفظتين المتجانستين جناسا تاما ، وهما الفاصلتان المتفقتان في اللفظ المختلفتان في المعنى : ( أَحَدٌ ) في الآية الأولى مستهل السورة ، والفاصلة ( أَحَدٌ ) في ختامها لغرض بلاغي بديع .
وجاءت اللفظة الأولى (أحد ) خبرا لاسم الجلالة العظيم :
” قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ” الدالة على أحديته – سبحانه – فلا مثيل له ولاشبيه ولانظير ، ولاصاحبة له ولا والد له ولا ولد ، الأزلي الأبدي المتفرِّد بصفات الجلال والكمال والجمال .
وجاءت اللفظة الثانية ( أحد ) اسمًا ل (يكنْ ) متأخرا بمعنى : أحد من البشر أو الموجودات عامة ، لأنَّ ( أَحَدٌ ) نكرة في سياق النفي فتعمّ في معناها لكل الموجودات .
وبلاغة تأخيرها لمعنيين :
الأول : لبلاغة لفظية لرعاية الفاصلة محافظة على التماثل في ايقاعها وجِرسها مع فواصل السورة : ( أحَدٌ ، الصَّمَد ، يُولَد ، أحدٌ ) .
والثاني : لبلاغة معنوية بتقديم المنفي ( كُفُوًا ) الأهم وهو نفي المماثل له والمساوي – سبحانه –
وليكون هذا المنفي هو أولَ مايطرُقُ سَمْعَ المخاطبِ وعقلَه ونفسَه :
بأنّ الله مخالفٌ للحوادث ليس له مُكَافِئ ولا مثيل… في ذاته المقدسة وأسمائه وصفاته وأفعاله : ” لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ” .
Categories: الإعجاز فى القرأن و السنة