كيف نجعل من الشعب المصرى شعباً منتجاً ؟
بقلم: دكتور/ أشرف عبد الله . . استشاري الطب النفسي والتنمية البشرية
_______________________
إن أهم ما يهدد الشعب المصرى الآن هو الغذاء والمياه، فكيف نتعاون لنجعل معظم الشعب إن لم يكن كله منتجاً لطعامه وشرابه، ثم منتجا لملابسه واحتياجاته ؟
وأعتقد أن هذا أهم بكثير من اهتمامات أخرى جعلت الشعب المصرى مستهلكاً وغير منتج في معظمه، رغم أنه كان أول شعب مارس الزراعة وعلمها للعالم، وسجل علوم الزراعة على المسلات وجدارن المعابد، أفلا يستطيع ذلك الشعب أن ينتج مايحتاجه من غذاء ؟
لابد أن يتم زرع أهمية الإنتاج في الإنسان المصري منذ الصغر، وهو أمر أكثر أهمية من التعليم والصحة برغم اهميتهما الشديدة. لأننا إذا زرعنا بداخله أهمية الإنتاج فإن ذلك سيبني لديه عقيدة الإنتاج التي ستحسن صحته وتحفزه على التعلم.
ألم تكن الزراعة والإنتاج الزراعى والغذائي سبباً فى تعلم الرياضة والهندسة والفلك والطب والكيمياء ؟
كانت معظم البيوت فى الحضارة المصرية منتجة للغذاء، وقد ذكرها الله فى قصة يوسف عليه السلام وكيف يتم تدبير الإنتاج من القمح لمواجهة السنين العجاف. وكذلك ظلت مصر ومعظم بيوتها الفقيرة والغنية منتجة للغذاء من الزرع والألبان ومنتجاته من الزبد والسمن وتربية الأغنام والطيور والدواجن وتربية النحل فى بعض الأحيان .
كيف كان المصريين حريصين على غرس الأشجار والنخيل لتوفير الغذاء والطعام ؟!
كيف كان كل بيت ينتج ويصنع ملابسه من القطن والكتان ويخيط الثياب ؟!
أليس المصريون كما فى أصح الروايات هم أولاد إدريس عليه السلام الذى علمهم الزراعة وإنتاج وخياطة الملابس وعلمهم الطب ومبادئ الهندسة ؟
ونحن الآن مائة مليون ولا ننتج غذاءنا و نستورد معظمه ونشتكى الآن من الجوع! فالذى سيقضي على الجوع ليس المال ولا الأوراق المالية ولا الذهب، بل سيقضي على الجوع هو أن يُنتج كل واحد فينا من صغير إلى الكبير.
ألم يأت واحد إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه حديدة وحطبة، وصنع له قدوماً، وقال له: اذهب فاحتطب. فحوله إلى منتج ؟!
ألم يكن جل الصحابة فى المدينة ينتجون ويزرعون ثم بعد ذلك يتعلمون القرآن والدين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
الم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم هو وكافة الرسل عليهم الصلاة والسلام رعاة للغنم ومنتجين فى شبابهم (ما من رسول ولانبى إلا ورعى الغنم) ؟!
كيف يكون الانتاج منهج حياة وتطبيق لجوهر الدين يا اعرق واقدم امة فى التاريخ؟
لدينا آلاف المدارس وعشرات وآلاف الكليات وانتاجيتنا محدودة فما فائدة كل هذه المدارس والجامعات ؟
وهل وظيفة الجامعات هى التدريس داخل الجدران أم النهوض والتنمية؟!
ذات مرة كنت أحضر برنامجاً عند أحد مشاهير التنمية البشرية، وسالني بعد محاضرته عن رأيي، فقلت له: الكلام جميل جداً، ولكن إن لم تتحول لإنتاج فليس ذلك بتنمية بشرية.
تخيلوا معي لو صار 50 مليون مصرى منتج للغذاء؟! ما النتيجة؟
فما بالكم لو صاروا 90 مليون؟ هل سيشتكي أحدٌ من جوع أو فقر ؟!
قد يقول البعض: هناك مشكلة مياه.
ولكن إن كانت لدينا عقيدة الإنتاج سنوفر المياه من النيل والآبار وكذلك تحلية مياه البحر.
أليس من العيب أن يكون عندنا بحرين (الأبيض والأحمر) ولدينا نهر النيل، ثم لا نكون أكبر دولة منتجة ومصدرو للأسماك ؟!
إن صيد الأسماك وعمل أساطيل لها وتنمية القرى الساحلية والاستفادة من الشباب بها، سيوفر الطعام من الأسماك ومنتجات البحار ويوفر للشباب عمل ومسكن. ولكن للأسف بدلاً من بناء قرى للصيد بالساحل الشمالي تم تحويلها بالكامل لمصايف وقرى سياحية للترفيه والاستجمام واللهو. ويمكث شباب قرى الساحل الشمالي أربعة أشهر الصيف لا ينتجون ولا يساهمون فى حل أزمة البلاد.
فماذا كسبنا بأن تحول الشباب إلى شباب للهو والمقاهي والفيس بوك ؟!
انظروا إلى شباب العالم كيف ينتج شباب اليابان والصين، وكيف تحولوا من الفقر إلى الاكتفاء الذاتي ثم إلى أقوى اقتصادات العالم!
فياليت الجهود كلها تتضافر، من علماء وفنانين وأساتذة ومدرسين وكل فئة من فئات الشعب المصرى حتى نصبح منتجين ومكتفين ذاتيا ومصدرين.
وكم أرجو أن أرى مصر الحبيبة أفضل حالاً، تُشع نوراً وحكمة، وتكتفى ذاتياً وتوزع الطعام والغذاء والكساء على العالم كما كانت
بلادى بلادى . . لك حبى وفؤادى
والله ولي التوفيق
Categories: أعمدة الرأى, المواطن هو البطل, كلمة و مقال