بقلم : بسنت منجي

أغلب البشر يعشقون الوجبات الدسمة ولكن بنسب متفاوتة من بسيط الى المدمن إلا من رحم ربي. و ربما يعود ذلك لما فيها من سعرات حرارية عالية تعدل المزاج و تمنح شعوراً مؤقتاً بالسعادة ، فنقبل على تناولها بشكل شبه يومي والعجيب في الأمر أننا نتناولها بمنتهى النية الحسنة غير مدركين بأن العواقب ستكون وخيمة للغاية .. مثلما يحدث معنا في جلسات الفضفضة التي نعقدها بصوره شبه يومية سواء في العمل أو النوادي أو المقاهي أو حتى المنازل ، حيث يخصص معظمنا لنفسه وقتاً بغرض الترفيه عن النفس ولكنه يقضيه في جلسات ” الفضفضه”!
دعنا نتأمل ماذا يحدث في حقيقة الأمر حينما نجلس جميعاً لنتجاذب أطراف الحديث ، عادةً يبدأ شخص منا بقص مشكله تؤرقه ، ونحن نسمع و نسمع .. ثم نتعاطف ثم نحاول تقديم يد العون في حل مشكلته بينما يكون الراوي نفسه يقولها كنوع من أنواع البوح دون رغبة حقيقية منه لمعرفة حلها ، و رويداً رويدا يتسلل لدي المستمع شعور من أثنين ، الأول .. الرغبة في مواساة الشخص الشاكي بأن نقص عليه العديد من القصص لأناس حالهم أسوأ حالاً منه فنقع دون عمد في بئر النميمة ، بل و ربما لا نذكر الحقائق كما هي بل نضيف إليها تعميقاً للتهوين مما يكابده الشاكي ، فنغوص في رمال النميمة المتحركة للقاع فإذا بنا نخوض في سيرة هذا و هذا وهذا .. و نسهب فيما يحمله من صفات وعيوب ، ونحن لا ندرك أن المقاعد ستتغير يوماً ما .. فكما تدين تدان ، و في الجلسة القادمة ستكون سيرتك هي مادة القص و التمحيص .. فتلك هي عدالة السماء.
أما الشعور الثاني فهو الخوف .. أجل ، الخوف على أنفسنا الذي يدفعنا لإستدعاء صغائر الامور و تعظيمها و المبالغة الفجة فيها .. بل ، و ربما نمارس الإدعاء بما ليس فينا من حزن أو مرض أو ضيق حال أو خيبات أمل في أبناء أو زوج وما إلى ذلك من خطوب ! ، نقترف ذلك كنوع من المجاملة للشاكي .. و أحياناً يكون بغرض صرف أعين السامعين عنا.
و هنا ننزلق لبئرٍ أخرى .. فحينما نخاف على أنفسنا من الحسد أو ما شابه ننجرف صوب منحدر جلب الطاقة السلبية من الكون كله ، فالعقل الباطن يصدق ما ينطق به اللسان ، فالأفكار والمخاوف والهواجس التي تمور بها الرؤوس هي أشبه بمغناطيس يجلب ما ينطق به اللسان
و هكذا سوف تخرج من جلسة الفضفضة بوجبة دسمة من الخطايا أو الطاقات السلبية أو كليهما ، فيتحول الترفيه إلى كدرٍ و هم مقيم.
و ما سبق أشبه بالوجبات الدسمة التي تجلب الأسقام و العلل ، فلماذا لا نتكلم بإيجابية وندعم هذا الشخص الشاكي بكلمات بسيطة وجميلة مثل : لماذا لا تحمد الله عن شر أصابك فربما يحمل في طياته الخير الكثير ، فالعطايا تأتي على أجنحة البلايا .. ، أو نُذكر الشاكي بأن الإبتلاء من مكفرات الذنوب ، أو أن الله الرحيم يحب أن يسمع صوت عبده بالدعاء ، و أن الله لطيفٌ بعباده فلربما يدفع عنك شر أكبر أو ما شابه… وكذلك تذكيره بالكثير من صفاته الحسنه و بجوانب القوة الخفية في شخصيته ، بهذا الطريق سنحفزه لمواجهة أزمته بقلب غير هياب ، فتنطلق كل قواه الكامنة للقفز فوق الصعاب.
و بهذه الطريقة و طرق أخرى كثر نقدم له الدعم المطلوب ، و نشحذ طاقته و طاقتنا نحن أيضا بضرب الكثير من الأمثلة الإيجابية و التي تجلب له ولنا من طيات الكون الكثير من الطاقات الإيجابية فتعم الفائدةعلى نفسك و على الجميع.
فدعونا نتناول الوجبات الخفيفة الصحية التي تنبض بالطاقة الإيجابية و بالعافية .. عافية النفس والبدن.
.. إنما على نياتكم ترزقون.