معضلة المؤسسة الثقافية العمالية _ دعوة .. و رسالة _ (1-2)
بقلم : محمد الصيرفي
* _ دعوة مباشرة _ *
أستهل كلماتي بدعوة مباشرة للسادة أعضاء مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بعقد جلسة طارئة لمناقشة أزمة المؤسسة الثقافية العمالية ، و التي باتت أزمة هوية و مصير و ليس تعثر مالي فحسب ، و أدعوكم لإتخاذ قرار بمخاطبة رئاسة الجمهورية لإدراج كافة الأعباء المالية و الأجور بالمؤسسة كبند في الموازنة العامة للدولة بما يكفل تحقيق الأمان الوظيفي للعاملين بها، على أن يكون نقل الإشراف إلى مجلس الشورى (الشيوخ حالياً) و ذلك لأسباب -سأفصلها فيما بعد- تاريخية و قانونية معاً ، و أقول لكم .. أنه ليس في تبنيكم لهذا المطلب ثمة إعتراف منكم بتقصير أو تهاون من قبل الإتحاد العام ، بل هو مطلب شجاع سيكون مآله في صالح المجتمع و المؤسسة و الإتحاد جمعياً ، لأنه ينصب على إستحداث “رؤية و رسالة” أشمل و أعم للمؤسسة تنهض من خلالها بدور وطني تقدمه مجاناً لكافة فئات المجتمع ، دون أدنى خلل بدورها التاريخي في التثقيف العمالي و النقابي.
و إذ كنت أدعوكم لمناشدة الدولة بتحمل الأعباء المالية للمؤسسة فإن ذلك سيكون مقابل إعادة توظيفها لبث الثقافة الرفيعة و تنمية الوعى الرشيد للشعب المصري كافة ، فلا يملك عاقل مطالبة الدولة بتحمل الأعباء المالية لمنشأة دون دور حيوي تضطلع به أو رسالة تؤديها تخدم المصالح العليا للوطن و المجتمع معاً، و هنا أقول للدولة .. أن الثقافة و التوعية القومية ليست بأقل أهمية من توفير الأمن أو الماء للمواطن ، بل إني أزعم أن التوعية الرشيدة هي أكثر ما يفتقده الوطن حالياً فهي تعد بمثابة المصل الواقي و الدرع الحامي لكل فئات المجتمع ضد الفكر الضال الذي يغزو المجتمع العربي من الشرق و الغرب معاً.
* _ رسالة معاصرة _ *
إن المؤسسة الثقافية العمالية قد قامت عبر تاريخها الممتد بدور قومي جليل يدركه كل ذي بصر و لا ينكره إلا جاحد ، فلقد أنشأت المؤسسة وفق فلسفة المواجهة الثقافية لكافة الأطماع الاستعمارية و الدعاية الإمبريالية، حيث خاضت حروب التوعية و التثقيف لعمال أفريقيا و الوطن العربي ، و جابت شهرتها الآفاق حينذاك حتى تبدلت الأحوال و صارت العولمة واقعاً لا فرار منه ، لذا أزعم أن الرسالة التي قامت لأجلها المؤسسة -منذ ستة عقود- قد تخطاها العصر بل و تحتاج لتحديث جذري عاجل أحسبه سهل المنال لو توافرت الإرادة و أنعقد العزم.
* _ التوعية و التثقيف مسئولية دولة _ *
إن طبيعة التثقيف و التوعية المجتمعية لا يجب أن ترتبط وجودياً بما تدره من عائد مادي يعتمد على التسويق الفردي ، حيث أن رشادة الوعى الفردي و الجمعي من المسئوليات الأصيلة للدولة تجاه مواطنيها فلا يصح ان تعامل كسلعة !
لذا أدعو الدولة إلى تحمل الأعباء المالية للمؤسسة مقابل إعادة توظيفها في تنمية الوعى الرشيد لكافة فئات و طوائف الشعب المصري.
إن الدولة المصرية تخوض الآن معارك شرسة ، و في مقدمتها تقع معركة تنوير الوعى الجمعي للمواطن من كافة الفئات و المستويات العلمية و الثقافية ، و ذلك يستلزم الوصول للمواطن حيث كان .. في حقله أو مصنعه أو جامعته أو متجره ألخ،، كما يستلزم تواجد هيئة مستقلة و قائمة بالفعل تمتلك الخبرة في عقد و تنظيم الدورات التدريبية و الندوات التثقيفية في شتى أرجاء القطر المصري و في توقيتات متزامنة ؛ و هنا .. يلتقي الطرفان ، دولة ترنو صوب وعي جمعي رشيد من جهة و بين مؤسسة قادرة على تحقيق ذلك الهدف الوطني من جهة أخرى لاسيما أن المؤسسة الثقافية تمتلك تلك المقدرة على أداء تلك الرسالة الوطنية الجليلة بما تمتلكه من إمكانات مادية هائلة و مقرات مجهزة بكافة المحافظات ، هذا بالإضافة إلى ما تمتلكه من ثروة بشرية مدربة.
_ و بناء على ما سبق ..
أرى أن ذلك المطلب يحقق عدة أهداف معاً ، أولها تحقيق مطلب العاملين بالمؤسسة في أمان وظيفي يقيهم مخاطر التعثر المالي مما يكفل لهم بيئة عمل خالية من الضغوط تفجر منابع الإبداع و الإبتكار لديهم ؛ و ثانيها تحقيق هدف وطني بمحاربة الفكر الضال بكافة أشكاله ؛ و ثالثها تحديث الرسالة المجتمعية للمؤسسة ككيان يمكنه الإضطلاع بدور توعوي أكثر شمولاً ، و سيكون ذلك بمثابة البعث لكيانٍ عملاق من جديد ، كيان عريق لا يتنصل من مجاله الأصيل في التثقيف و التدريب العمالي لكنه أيضاً لا يقتصر عليه كما هو الحال الآن.
Categories: أخبار الجامعة, أعمدة الرأى, السلامة و الصحة المهنية, المؤسسة الثقافية العمالية, صوت الجامعة العمالية, ضمان الجودة والأعتماد, عن الجامعة العمالية, عن المؤسسة الثقافية العمالية, كلمة و مقال