د. نيازي مصطفى : ← أناشد أصحاب الأعمال المبادرة برفع أجور كافة العاملين لديهم من كل الفئات الوظيفية.
د. نيازي مصطفى :
← قرار رفع الحد الأدنى للأجور خطوة في الطريق الصحيح ،وجاء ملبياً لمطالب الفئات الأكثر إحتياجاً.
← طالب بتطبيق نظام التفاوض القطاعي لتعظيم مكتسبات العمال و تشجيع الاستثمار.
جاء قرار المجلس القومي للأجور برفع الحد الأدنى لرواتب العاملين بالقطاع الخاص إلى {6 ألاف جنيهاً} ليثير _في البداية_ مظاهرة تأييد و عاصفة فرح ؛حيث جاء محققاً لمطالب العاملين بالقطاع الخاص( 24 مليون عامل وفق أحدث الأحصائيات)_ ثم ما لبثت التساؤلات والشكوك حول نطاق تنفيذ القرار و حول مدى حجيته ومدى إلتزام أصحاب الأعمال بتطبيقه ، و لقد ترقب الوسط العمالي صدور الكتاب الدوري لتوضيح الاجراءات التنفيذية للقرار ، ولكن جاء الكتاب الدوري رقم (10) من وزارة العمل خالياً من الأجوبة عن بعض نقاط التساؤل … ؛ لذا قررت أسرة “مجلة الثقافة العمالية” التوجه بحزمة إستفسارات العمال إلى قيادات ونشطاء وخبراء المجتمع العمالي المصري.
ألتقينا بالخبير القانوني المتخصص في الشأن العمالي “د. نيازي مصطفى” _ والذي يعد أحد القامات و المراجع القانونية المعتبرة في مجال التشريع العمالي ، و سألناه في البداية عن أنطباعه المبدئي عن محتوى القرار فأجاب قائلاً :
– لقد جاء القرار بمثابة إستجابة محمودة لمطلب عمالي مُلح ، ومتوافقاً مع الأوضاع الإقتصادية وإزدياد معدلات التضخم، وعلى الرغم من تحفظي الشخصي على قيمة الحد الأدنى للأجور حيث كنت أتمنى أن يتخطى ذلك بقليل ليتناسب مع أعباء المعيشة، ولكني في ذات الوقت أثمن تلك الخطوة الطيبة والتي جاءت بمثابة القفزة في معدل الحد الأدنى ،فهي تعد خطوة على الطريق الصحيح صوب توفير الحد المناسب من الحياة الكريمة لجموع عمال مصر.
° كيف رأيت توقيت القرار؟ وبم توصي أصحاب الأعمال؟
– لقد جاء القرار كعلاج سريع لوضع معيشي حرج لبعض القوى العاملة من الفئات الأكثر احتياجاً، لكن لابد من الإعتراف أن تطبيق القرار في مايو القادم سوف يشكل أزمة عصيبة لمنشآت القطاع الخاص، لتعارض ذلك مع ما وضعته من موازنات مالية في بداية العام، فجاء هذا القرار ليشكل تكلفة زائدة على الميزانيات ،لكني أناشد أصحاب الأعمال بالتخلي طواعيةً عن جزء من الأرباح المتوقعة في الموازنة ومنح هذا الجزء كزيادات مباشرة لأجور العاملين داخل المنشاة
– و أضاف ” د. نيازي ” قائلاً :
وأقول لأصحاب الأعمال أن هذه الزيادات ستعود عليهم و على الوطن بالنفع المباشر لأنها ستؤدي لزيادة القوة الشرائية الإجمالية مما سيخلق حالة رواج لجميع السلع والخدمات ؛ والأهم أن ما سيمنحه صاحب العمل للعاملين سيخلق حالة من الرضاء الوظيفي لديهم مما يؤدي مباشرة لزيادة الإنتاج وحفظ موارد المنشأة.
° تنص المادة الثالثة من القرار المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 8 أبريل الجاري على إستثناء المشروعات متناهية الصغر والتي يعمل بها 10 عمال فأقل ، علماً بأن هذه المشروعات الصغيرة تضم 63% من إجمالي عدد العاملين في القطاع الخاص وفقاً لأحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ؟
– إن المجلس القومي للأجور ثلاثي التشكيل ، حيث يضم ممثلو النقابات العمالية المنتخبة بالإضافة لجمعيات أصحاب الأعمال وإتحاد الصناعات والغرف التجارية بالإضافة للحكومة بالطبع ، لذا جاء صدور القرار بموافقة ومباركة عناصر العمل الثلاث ، لكني أعتقد أن إستثناء المنشآت متناهية الصغر جاء من منطلق عدم وضع أعباء إلزامية على هذه المشروعات رغم أني أرجو أن يمهد ذلك لتدشين أسلوب حداثي جديد و هو “التفاوض القطاعي التخصصى” ،و هو أمر غير معمول به في مصر الآن.
° نرجو أن توضح لنا فوائد هذا الأسلوب التفاوضي لتحسين أجور هذه الفئة الكبيرة المستثناه؟
– إن تفعيل إستراتيجية التفاوض القطاعي التخصصي يحقق مصالح الطرفين معاً ، حيث يجتمع ممثلو أصحاب الأعمال لقطاع اقتصادي معين مع ممثلي العمال في النقابة العامة المتخصة بهذا القطاع، وتكون الإجتماعات على مستوى المحافظات أولا ثم تمتد لتشمل الدولة بأكملها، مما يكفل مراعاة خصوصية النشاط ومنح العاملين به مميزات
إضافية مع عدم إغفال الإحتياجات النوعية للمنشآت لزيادة حجم الأنتاج و جودته ،فيؤدى ذلك لمزيد من المكاسب للطرفين معاً،و هذا النوع من التفاوض يفرز إتفاقيات قطاعية ملزمة لكل من أصحاب الأعمال و العاملين بذات القطاع و تقوم الدولة بالتصديق عليها ، و في حال تطبيق التفاوض التخصصي بشكل علمي صحيح سيعود ذلك بالكثير من المنافع علي شريحة العمال بالمشروعات و المنشآت متناهية الصغر.
° لم ينص القرار ولا الكتاب الدوري الصادر عن وزارة العمل بشأن الإجراءات التنفيذية له، على أي إشارة تفيد منح من تزيد أجورهم عن 6 ألاف أي زيادات ..، فهل يحقق ذلك العدالة المنشودة؟
– أتوقع أن يؤدي إلتزام أصحاب الأعمال بتنفيذ هذا القرار، إلى قيامهم بمبادرة ذاتية منهم لإعادة تدرج رواتب كل الفئات العمالية داخل منشآتهم ،وعلى الرغم من أن القرار لم ينص على ذلك و لم يلزمهم بذلك، ولكني أتوقع من أصحاب الأعمال المبادرة لرفع الحد الأدنى لكل فئة على حده بما يناسبها كيلا يتساوى حديثي التعيين مع الفئات الأكثر خبرة أو أقدمية أو كفاءة، وهو ما يكفل تحقيق العدالة بالإضافة لتحقيق الرضاء الوظيفي للعاملين داخل المنشأة.
° ألا ترى أن خلو القرار من تدرج لأجور الفئات المختلفة قد يخلق هوة أو خللاً داخل المنشأة؟
– من غير المتصور أن تكون الوظائف القيادية والوسطى في منشآت القطاع الخاص الكبيرة تحصل على أجر يقل عن 6000 ج ،فهذا غير متصور حدوثه إلا في المشروعات الصغرى التي لم يشملها القرار ، وأحب أن أضيف أن لمنشآت القطاع الخاص لوائح داخلية معمول بها وسياسات متبعة للأجور ، لذا أتوقع منهم المبادرة بتطبيقها تزامناً مع تطبيق الحد الأدنى للفئات الأكثر إحتياجا لاسيما أن التقييم السنوي للأداء الوظيفي للعامل يعد هو العنصر الحاسم لمنحه أي زيادات ، و يتم ذلك وفقاً لنسب معينة ترتبط طردياً مع تقرير تقييم الأداء.
° نص القرار فى مادته الأولى أن يكون الحد الأدنى محسوباً علي أساس الأجر المنصوص عليه في (البند ج من المادة الأولي) من قانون العمل ، و شاملاً لحصة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية .. فما تعليق سيادتكم؟
– لابد أن نعي نطاق تطبيق القرار بشكل قانوني سليم ، حيث أن الحد الأدنى يخص إجمالي الأجر الشامل ؛و الذى تم تعريفه بشكل مفصل في قانون العمل ، حيث يشمل علي : الأرباح و البدلات و المنح و العمولات و خلافه ، مما يحصل عليه العامل بشكل غير دوري أو منتظم لكنه يدخل في نطاق الأجر ، وهو بالطبع يختلف عن صافي الراتب الشهري الذي يحصل عليه العامل .
س : ما هي آليات تنفيذ هذا القرار حال إمتناع أحد أصحاب الأعمال عن تطبيقه؟
– لابد هنا من الإشارة لأهمية الدور الحيوي الذي تقوم به منظومة التفتيش التابعة لوزارة العمل ، و لقد أشار الكتاب الدوري الصادر عن الوزارة لذلك الدور الفعال صراحةً في متابعة تنفيذ القرار ، و أحب أن أشير لضرورة توحيد المفاهيم و الإجراءات لدى جميع من يضطلع بهذه المهمة بكافة مكاتب التفتيش بأنحاء الجمهورية.
ثم أضاف “د نيازي” قائلا :
– و طبقا للقرار يحق للمنشآت المتعثرة أو التي تعاني ظروفاً تحول بينها وبين تطبيق القرار أن تتقدم بطلب إعفاء مرفق به المستندات المؤيدة له حتى موعد غايته 15 مايو ، ولقد تم إستقاء ذلك من بنود قانون العمل فيما يخص الإعفاء من العلاوة الدورية للمنشآت المتعثرة ولكن بعد تقديم طلب مشمول بآخر ثلاث قوائم مالية أو ميزانيات لها ،و الجدير بالذكر أن القرار المنشور بالجريدة الرسمية أو الكتاب الدوري لم ينصا صراحةً على نوع الاعفاء فيمكن له أن يكون إعفاء كلياً أو جزئياً أو إعفاء مؤقتاً لفترة زمنية محددة.
° و قبل الختام ، لا يُتصور أن نلتقي بقامة قانونية مثلكم ، حيث سبق لك المساهمة الفعالة في العديد و العديد من التشريعات المتعلقة بالعمل و العمال ، و منها مشروع قانون العمل الذي يعاني من ولادة متعسرة منذ سنوات …
برأيك .. ما الذي عرقل مشروع قانون العمل عن الصدور ؟
– للأسف ؛ لقد تم إدخال العديد من التعديلات علي بنود المشروع الأول لقانون العمل و الذى تم إعداده عام 2016 ، مما أخل بالرؤية الكلية و الفلسفة التي يفترض أن ينبثق منها القانون، و جاءت هذه التعديلات بهدف الوصول لنقطة توافق بين مطالب طرفي العمل ، و أعتقد أنه لم يزل يمكننا الإلتقاء حول نقطة توازن تحقق الإتزان المنشود بين الحفاظ على مكتسبات العمال وبين تحقيق مصالح أصحاب الأعمال بغية تشجيع الاستثمار ، كما أطالب بضرورة إجراء حوار مجتمعي حقيقي و موسع تلتقي خلاله كافة الأطراف ،ثم تكون العودة بعد ذلك للمختصين لمراجعة و صياغة المواد بشكل متوازن يحقق مصالح الوطن العليا.
Categories: أخبار, أعمدة الرأى, المواطن هو البطل, سياسة, كلمة و مقال, مقال اليوم