Menu

معك حق يا دكتورة سولاف .. ولكن

معك حق يا دكتورة سولاف .. ولكن

بقلم: طارق أحمد مصطفى

استمعت مؤخراً إلى الحوار الممتع الذي أجرته الزميلة بسنت منجي مدير تحرير مجلة الثقافة العمالية مع معالي النائبة والنقابية الناجحة د. سولاف درويش، رئيس النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات والأعمال المالية، والتي تعد أول سيدة تشغل منصب رئيس نقابة عامة فى مصر.

وقد اهتممت بشكل أكبر بحديث سيادتها عن المؤسسة الثقافية العمالية ورؤيتها لوضعها الحالي ومستقبلها، وهو ما لخصته فى النقاط التالية :
1- أن أداء المؤسسة منذ حوالى 12 عاماً لم يعد يواكب لا تطلعات العمال ولا توجهات الدولة.
2- أن الأزمة التي تمر بها المؤسسة الثقافية العمالية منذ سنوات تعني أنها تدار بطريقة غير رشيدة.
3- سوء إدارة المؤسسة أدى إلى غياب الرؤية والاستراتيجية والتدريب للكوادر وآليات الجذب.
4- كان من الواجب على العاملين بالمؤسسة أن يبادروا هم بالإصلاح والتطوير وعدم مقاومة التغيير ورفض العناصر المصرة على هدم هذا الكيان.
5- المؤسسة تحتاج لقيادة ثابتة وقادرة على وضع خطط ومتابعة الأداء ولا تكون مجرد قيام بأعمال.
6- لا مانع من الاستعانة بخبراء من خارج المؤسسة لمساعدة الاتحاد في إدارة المكان وعلى العاملين التعاون معهم لصالحهم قبل أي شيئ.
7- يجب أن يكون هناك إفصاح وشفافية حول كل ما يعيق العمل داخل المؤسسة أمام كل من يمكنه أن يساعد على حل هذه الأزمة.
8- المؤسسة بها عناصر بشرية ذات كفاءة وعناصر شابة يمكن أن تعتمد عليها عملية الإصلاح، فهم الأولى بأن يقوموا بمؤسستهم.
9- هذه المؤسسة كنز لا زال لم تُعرف قيمته، ويجب أن يكون هناك تعديل للوائح وحوافز للعمل وخطة متكاملة للنهوض بها.
10- هناك تقصير من أجهزة المؤسسة في تسويق وعرض برامجها على النقابات المختلفة، حتى يكون لها الأولوية في تنفيذ التدريبات من خلالها.

من خلال تلك النقاط قدمت معالي النائبة إجابات وافية بشكل كبير، وأثارت نقاطاً عديدة بذكاء ووضوح وهو أمر يستحق منا كل الاحترام والعناية بالتجاوب معه.

وما أحب التعليق عليه حول هذا الجزء من الحوار:
هو أنني أتفق مع سيادتها في مجمل قراءتها لأزمة المؤسسة ومشهدها الحالي. فقد جاءت رؤيتها فيما يتعلق بسوء إدارة الاتحاد العام للمؤسسة خلال الإثنى عشر سنة الماضية وإلى اليوم موافقاً تماماً لرؤية العاملين.

فلطالما نادينا بضرورة إنقاذ المؤسسة بفصلها إدارياً عن الاتحاد العام، وتكليف إدارة محترفة ومتفرغة ومنحها السلطة الكاملة للعمل والتخطيط والتطوير دون وصاية ودون تكبيل، وهو ما لم يتم للأسف، ولم تنجح كافة المحاولات التي تمت في هذا الاتجاه رغم الكفاءات العديدة التي تولت إدارة العمل بالمؤسسة من أساتذة جامعات وقيادات من الشرطة ومن القوات المسلحة وقيادات إدارية لها نجاحات عديدة بمؤسسات كبرى، وذلك نظراً لإصرار قيادات الاتحاد – الغير متفرغين والغير متخصصين – على التدخل فى التفاصيل الفنية للعمل، وعدم الاستجابة لرؤى الإصلاح التي وضعتها هذه القيادات، والدخول معهم جميعاً في خصومات، نتيجة لعدم احترام خبرتهم ومكانتهم الاحترام الكافي.

ولا أختلف مع الدكتورة سولاف فيما أشارت إليه من عدم وحدة كلمة العاملين فيما يتعلق بمواجهة عناصر التخريب والهدم للمؤسسة من داخلها أو من خارجها.

ولعله لا يخفى على سيادتها ما ساهمت فيه سياسات بعض قيادات الاتحاد في مراحل معينة من تشتيت العاملين وبث الفرقة والعداوة بينهم، وإصرار بعض تلك القيادات على تسليط بعض العاملين للتجسس على بعض وعدم الاستماع إلا لأفراد ممن تعتبرهم الإدارة أهلاً للثقة، بينما تصر هذه القيادات على وصم العدد الأكبر من العاملين بالفساد والإهمال دون بينة سوى مواقف أوعز إليهم بها بعض متواضعي الإمكانيات الذي اكتسبوا ثقة هؤلاء القيادات نظراً لحسن (أو سوء) نقلهم للأخبار والانطباعات.

وكذلك لا أختلف مع سيادتها كثيراً فيما أشارت إليه من وجود تقصير من العاملين بالمؤسسة في تطوير وتسويق برامجهم التدريبية، وذلك له أسبابه.

ولكني اختلف مع ما ذكرته من أن المؤسسة قد حظيت مؤخراً بقيادة تدير العمل، وهذه للأسف معلومة غير صحيحة، والصحيح أن مجلس إدارة المؤسسة قد قام بتنحية أحد القيادات الإدارية ذات الكفاءة والقادمة من أحد القطاعات الحيوية، وهو الذي تفاءل به العاملون وبدأ في العمل الفعلي وتحريك العاملين بكل نشاط، وكانت تلك التنحية بمجرد أن طالبت هذه القيادة ببعض الصلاحيات الإدارية وفق مقتضيات المنصب ليس أكثر.

بالفعل هناك جهداً إشرافياً مشكوراً من كوادر نقابية متطوعة من أجل تسيير العمل، ولكن هذا غير كافي لإدارة مؤسسة بهذا الحجم تحتاج لتفرغ ولصلاحيات وتتطلب توزيع لنطاق الإشراف على كامل الهيكل التنظيمي وعدم تركيزها في يد شخص وحيد غيرمتفرغ، وهو بالتأكيد ليس سوبر مان مهما كان مخلصاً وأهلاً للثقة. والأمر هكذا غير كافي بالمرة لبناء الخطط ووضع الاستراتيجيات وترسيخ الآليات التي تحدثت عنها سيادتها، فالأمر يحتاج لكفاءات ذات خبرة أعلى وتخصص أكبر.

فتلك – يا قوم – مؤسسة تعليمية تدريبية تثقيفية كبيرة ومتشعبة تحتاج لقيادة إدارية وفنية متخصصة ومحترفة، فالأمر لم يعد يحتمل الهواة أكثر من ذلك، وهي من قبل ومن بعد مؤسسة عامة وليست (عزبة) لأحدهم.

وقد أثلج صدري ما ذكرته معالي النائبة أنها تعتقد بأن المؤسسة مليئة بالكفاءات، وهذا أمر صحيح ويحتاج للصبر والدعم والتواصل المباشر مع الجميع.

وكذلك أثلج صدري ما اتضح من حرص سيادتها على قيام المؤسسة بدورها في التثقيف والتدريب، وغيرتها بسبب ضعف وصول هذا الأثر للنقابات.

وأحب أن أقول لك سيدتي: أن ترددنا في التواصل مع النقابات يرجع إلى كثير من الرسائل الخاطئة التي تصل إلينا عن كثير من القيادات النقابية، والتي توحي برفضكم وعدم ثقتكم في العمل معنا، هذا فضلاً عن غياب الاستقبال المرحب برجال وسيدات التثقيف والتدريب داخل عدد من النقابات، ومعاملتهم أحياناً كما يعامَل (تاجر الشنطة)، وتحميلهم بما لا شأن لهم به من مواقف وإخفاقات تخص آخرين من زملاءهم، وهو ما جعل الكثيرين يترددون في القيام بهذه الزيارات حفظاً لكرامتهم ولماء وجههم. هذا فضلاً عن افتقاد التقدير الأدبي والمادي لجهدهم وهو أمر آخر شرحه يطول، كل هذا أشعرهم أنهم صاروا أشخاصاً غير مرغوب فيهم، ولا جدوى من محاولتهم طرق الأبواب.

ختاماً، فقد ضاعت هذه المؤسسة سيدتي:
إما بسبب شخصين لا تريد القيادات التعامل معهما،
أو بسبب شخصين لا تريد القيادات التعامل إلا معهما،
أو بسبب شخصين لا تريد القيادات التعامل مع المؤسسة بالكامل بسببهما ..
وأسوء ما في الإدارة غير الرشيدة هي الشخصنة والكيل بمكيالين.

Categories:   أعمدة الرأى

Comments