Menu

كيف تكون الأحزاب اليمينية الصغيرة عقبة أمام نتنياهو؟

يكتبها : محمد الصيرفي

صحف عبرية

تكافح أربعة أحزاب صغيرة في اليمين على نسبة الحسم العالية، فحتى 2014 كانت نسبة الحسم 2 في المئة. ولكن قبل خمس سنوات كان هذا افيغدور ليبرمان، رئيس «إسرائيل بيتنا»، هو الذي مارس الضغوط والاتفاقات الائتلافية، فإذا بنسبة الحسم تقفز إلى 3.25، وتساوي في قيمتها أربعة مقاعد في الكنيست.
لا معنى في هذا اللحظة للانشغال في مسألة إذا ما كانت هذه خطوة ديمقراطية أم مناهضة للديمقراطية. فقد حاول ليبرمان شطب الأحزاب العربية، أو أن يتخذ على الأقل في نظر ناخبيه صورة من يحاول عمل ذلك. وهناك من يدعي بأن خصومه من اليمين الديني الوطني بالذات هم من كان يرغب في تصفيتهم. ولكن نسبة الحسم خطوة فنية، ومع حلول انتخابات 2015 لم تجد الأحزاب العربية صعوبة في التغلب عليها من خلال إقامة القائمة المشتركة، وكذا البيت اليهودي ـ الاتحاد الوطني قام في حينه في ظل رعب الحسم.
أما اليوم فإن هذا المستوى العالي يهدد من دفع نحو رفعه، يهدد ليبرمان، بمثابة من حفر حفرة لأخيه وقع فيها. حفرها لغيره وهو يوشك الآن على أن يقع هو فيها. فمعظم الاستطلاعات الأخيرة تتوقع أنه لن يجتاز هذا العائق وسيختفي من الساحة السياسية. مصير مشابه يهدد أيضاً حزب «كلنا» لموشيه كحلون، و«زيهوت» بقيادة فايغلين، و«ياحد» بقيادة ايلي يشاي.
لا معنى لسؤال قادة الأحزاب عن وضعهم. فقد صرحوا أمام الميكروفونات والكاميرات بأن الاستطلاعات لا تعكس الواقع، وأنهم «يشعرون بالميدان»، وأن المستطلعين غير قادرين على حل لغز مصوتيهم، وباقي الهراء الذي يقوله مرشحون يشعرون بالحراب المهدد. وهم يعرفون بأن الخطر الأكبر الذي يحدق بهم هو الخوف، بما في ذلك في أوساط مؤيديهم المخلصين، من مغبة ألا يجتازوا نسبة الحسم وأن يضيع صوتهم هباء. وعندها، كما يسقط الثلج فيجرف وراءه المزيد في طريقه إلى الأسفل نحو الهوة، فإن التحطيم مضمون.
منذ نشر قرار المستشار القانوني مندلبليت لرفع لوائح اتهام ضد نتنياهو (نعم، نعم: تبعاً للاستماع) في مواد الرشوة، الغش وخرق الثقة، نشأ لأول مرة في الاستطلاعات وضع لا يمكن فيه لنتنياهو أن يشكل حكومة. لا يزال لكتلة اليمين تفوق بنحو 10 مقاعد على كتلة اليسار، ولكن لهذه الأخيرة مع الأحزاب العربية تشكل كتلة مانعة. من الجهة الأخرى، فإن غانتس هو الآخر لا يمكنه أن يشكل حكومة لأنه لن يفعل ذلك مع العرب، إذا كان محباً للحياة السياسية.
ينبع الفشل المتوقع لنتنياهو بقدر كبير من تلك الأحزاب اليمينية التي تبدو في هذه اللحظة بأنها لن تجتاز نسبة الحسم. ما يمكن لنتنياهو وينبغي أن يفعله هو أن يعرض على قادتها عرضاً لا يمكنهم أن يرفضوه: أن ينسحبوا من السباق مقابل الوعد بمنصب وزير في حكومته، إذا ما شكلها، وتغطية نفقات هذه الأحزاب في حملة الانتخابات حتى لحظة العرض.
في كل الأحوال، سيرفض ليبرمان، وكحلون، وفايغلين ويشاي، هذا العرض، وسيعلنون بأن هذا هراء. نحن سنحصل على 7 مقاعد. ماذا 7؟ منزلتين! سنكون مفاجأة الانتخابات. ولكن نتنياهو يمكنه أن يهددهم بحملة تشهير سياسية في أوساط ناخبيهم: بسبب أنانيتهم سيصعد اليسار إلى الحكم. سيكون بينهم عنيدون، فايغلين مثلاً، سيواصلون حتى التحطم الفاخر. ولكن سيكون بينهم من يفضلون في الأسبوع الأخير، حين يجدون أن وضعهم في الاستطلاعات لا يتحسن، «البقاء على الدولاب»، وباسم إنقاذ «كتلة اليمين» ـ الانسحاب.
لن يتحقق هذا بسلاسة، فبعض المتفرغين والوزراء في عيون أنفسهم من الليكود سيغضبون. لسنوات طويلة نزفوا دماً في فروع الحزب، واهترأت أقدامهم وهم يدورون من حفل إلى آخر، من عرس إلى آخر. أهانوا أنفسهم أمام مقاولي الأصوات، وفي الانتخابات التمهيدية زحفوا وانبطحوا ووعدوا ـ لا كي يدعوا الآن مرشحين آخرين من الخارج يقفزون من فوق رؤوسهم إلى وظائف الوزراء.
فليغضبوا. فلو كان المترنحون يجتازون نسبة الحسم لكانوا سيحظون بوظيفة الوزير المنشودة. وبالتالي، يجدر بنتنياهو أن يدفع الثمن بوعد علني مسبق مقابل بضع عشرات آلاف الأصوات الذين سيبقون في كتلة اليمين. ناهيك عن أن مثل هذا الوعد يكلفه القليل جداً.
مشكلة صغيرة واحدة أخرى متوقعة؛ إن ليبرمان، وكحلون، ويشاي، وفايغلين يعرفون نتنياهو، ولا يصدقون أي كلمة له. ينبغي أن يتوفر محفل خارجي ما يودع تعهداً لا مرد له من نتنياهو في يديه. مثل «الضمانة»، المتمثلة في التزام نتنياهو الشهير للانسحاب من هضبة الجولان في اتفاق سلام مع الأسد الأب، والتي أودعت لدى الرئيس الأمريكي. فمن يمكنه اليوم أن يكون مثل هذا الموثوق؟ ربما بوتين؟ أنا أقترح فقط

البروفيسور آريه الداد
معاريف 5/3/2019

Categories:   صحافة محلية و أجنبية

Comments