كوني أماً لأبيك ..!
بقلم : نيرة عبد الهادي
خدعوكي فقالوا :
(الرجل ينحاز إلى الصمت أكثر) ..!
نحن الإناث نميل للصخب أكثر ، بل وللثرثرة بشتى أنواعها؛ الحديث ،أو الرسم ،أو الرقص ،والموسيقي أيضا ،وتأتي علي رأسهم جميعا الكتابة ،فهي أشد أنواع الثرثرة فتكا بصاحبها..!
كل امرأة منا تثرثر علي طريقتها ،تحتاج أن تعلن عن احتياجها أيضا علي طريقتها : كل امراة تسلك طريق صخبها الخاص بها والملائم لشخصيتها؛ بينما يتربع الرجل علي عرش الصمت الذي أحيانا يصبح أكثر مللا من ثرثرات المرأة .
النساء يفضلونه ثرثارا :
أخبرتني امرأة ذات يوم أنها كانت تمل من صمت زوجها ،حتي أنها كانت تختلق الأحاديث للفت انتباهه لضرورة الحديث معها؛ أندهشت من ردي الذي كان منصفا لزوجها علي غير عادة تهجم النساء علي الرجال في مثل تلك الحالات ،أخبرتها بأن عليها أن تختار نوعية المواضيع التي تستهويه لتبدأ بالتحدث عنها ،فربما تعني له نقطة ارتكاز انتباهه!
أشارت لي بيدها وكأنها تقول لي (طيب اسكتي أحسن)
تراءي لي مشهد الآن ظل محفوراً بذاكرتي حتي تلك اللحظة التي أكتب فيها ،حتي أنني أطلقت شهقة سمعتها الجدران من حولي. ثم ضحكت ضحكة مدوية وأنا أردد (يال عظمة أمومتي)
بعد وفاة جدتي ظل أبي صامتا لثلاثة أيام كاملة ،حتي أنني اشتقت لصوته ولأنني أحبه بإجرام ،(أرجو الإنتباه الي أحبه بإجرام ولا تهملونها وانتم تقرأون) كنت أعرف وأتوقع ردود أفعاله تجاه كل فعل أو كلمة تصدر مني ،فلم يكن من الصواب أبدا أن أقتحم صمته الذي يراه هو عقاب لنفسه ظنا منه أنه تسبب في تدهور حالة جدتي الصحية قبل الموت ،ودون أن أبذل أي مجهود في التفكير في إنتزاع أبي من صمته ، وجدتني أذهب اليه في حجرته دون أن أطرق الباب ،اقترب منه بصمت وجثوت علي ركبتي أمامه وأمسكت رأسه بيدي برفق وكأنه طفلي وقبلته بين عينيه ،وقبل أن أنهض جذبني من ذراعي واحتضنني وانهار باكيا. أبى ،ذلك الرجل الذي كانت مجالس الرجال تنتفض لرخامة لصوته ،هو الآن يبكي كالصغار بين يدي طفلته ، مهما كتبت وتحدثت عن ذلك اليوم الذي كان بداية أمومتي تجاه أبي وتجاه كل رجل يجتاحني من بعده فلن يسعفني المجاز .
فالأنثي عليها أن تدرك جيدا أن الرجال يتشابهون مثلنا في تكوينهم الجسدي فقط ولكن من الحماقة أن نتعامل معهم علي أنهم جميعا يملكون نفس القلب ونفس العقل ونفس الروح . ولذلك فعلي المرأة أن تنتشل رجلها الصامت بطريقة احترافية كي تضمن النتيجة التي تصبوا إليها .وعليها أن تحبه بإجرام أولا قبل أن تعلن الكلل من صمته .
وأنا كاامرأة قبل أن أكون كاتبة أضمن لك وفاء الرجل حين يتربع علي عرش امراة تشعره انها شجرته وهو طائرها الوحيد.
Categories: أعمدة الرأى