Menu

لطائف بلاغية

بقلم : د/ أحمد فتحي الحياني

” ألَا لِله الدِّينُ الْخَالِصُ…” الزمر/٣ .

مضمونُ هذهِ الجملةِ القرآنيةِ غايةٌ في الأهميةِ ، لذلك استحقَّتِ التنويهَ بشأنها والتنبيهَ على مضمونها بنظم بلاغي مناسب غاية في البيان . فافتُتِحتِ الجملةُ بأداة التنبيه ( ألا ) للتنويه بشأنها الذي ينطوي على أمر مهم بعدها : ( للهِ الدينُ الخالِصُ ) وقد نُظِمَ هذا الأمرُ المهمُّ بأسلوب التقديمِ والتأخير على النحو الآتي :
— تقديمُ المسندِ وهو الخبر اسم الجلالة العظيم ( لله ) .
— تأخيرُ المسندِ إليه المبتدأ ( الدين ) الموصوف ب ( الخالص ) .
فأفاد هذا النظم الاختصاص . والإختصاص معناه إثبات العبادة لله وحده ونفيها عن غيره . فالله وحده هو الذي يستحق العبادة بدلالة لام الاستحقاق أيضا في ( لله ) وقد عَبَّرتِ الجملةُ عن العبادة بالدين . والدين في القرآن يدور على معنَيَيْن كما أشار إلى ذلك بعض المفسرين – رحمهم الله وأحسن بهم – :
المعنى الأول : العمل ، وباعثه الطاعة لله ، مثل هذه الآية وغيرها .
الثاني : الجزاء على العمل ، مثل قوله تعالى : ” مالك يوم الدين ” أي يوم الجزاء على الأعمال .
فهما ( العمل والجزاء ) معنيان متلازمان .
والدين في الآية موصوف ب ( الخالِص ) . والخالصُ : هو الصافي من الشوائب ومِمّا يُكدِّرُه ، أي : عبادةُ اللهِ عبادةً خالصةً صافيةً من تشريك غيره في العبادة .
فتكون عبادةُ اللهِ وطاعتُه خالصةً ، وذلك بترك الرياء في الأعمال… وهذا مقرونٌ بالنِّيَّات التي لها أثرُها العظيمُ في زيادة أثوبَةِ الأعمالِ فترتقي بالعبد إلى منازلَ عاليةٍ ، أو نقصانِها… والنِّيَّاتُ موكولٌ أمرُها إلى الله – سبحانه — : ( إنّما الأعمالُ بالنِّياتِ وإنّمَا لكلِّ امرئٍ مانَوى…) صدَق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .

Categories:   الإعجاز فى القرأن و السنة

Comments