البدوي : نعمل على بث الوعي الرشيد لترسيخ علاقة “الشراكة الناجزة” بين طرفي العملية الإنتاجية.
حوار : بسنت منجي
>> سأطرح في الحوار الوطني أن يكون “التدريب” هو المشروع القومي للدولة المصرية.
>> العامل المصري لم يزل هو عضد الوطن المفتول في مواجهة الخطوب و الأزمات.
>> نواجه الأزمة بالتحلي بالتنظيم المحكم و وسائل الإدارة الراشدة .. و نتسلح بالروح الوثابة للعامل المصري.
>> يُراودني حُلم أن يحقق الحوار الوطني قفزة هائلة نحو عالم الحداثة و المعاصرة.
>> نأمل أن يخرج قانون العمل ملبياً للآمال؛ ومواكباً لعلاقات العمل المستحدثة؛ ومعالجاً للأنماط الوظيفية الجديدة؛ و محققاً للفلسفة الحديثة بين أطراف الإنتاج.
_ في إطار اللقاءات التي تُجريها “مجلة الثقافة العمالية” ؛ مع القيادات العمالية بمناسبة الإحتفال بعيد العمال ألتقينا بالصحفي الكبير “مجدي البدوى” _رئيس النقابة العامة للعاملين بالصحافة و الطباعة و النشر _ في لقاءٍ سريع حيث طالبناه في البداية بتوجيه رسالة سريعة لعمال مصر في عيدهم؟
– فقال :
رسالتي إليهم : يا عمال مصر أتحدوا خلف وطنكم لاسيما في هذا التوقيت الذي يشهد فيه عالم العمل و الأعمال تحديات غير مسبوقة، فالعمل هو وسيلة كل إنتاج و مشيد كل بناء ، بل ..إن العمل هو قارب النجاة من كل أزمة.
فأنا أعتقد أن الحل الأمثل للأوضاع الراهنة ينهض على دعامتى .. زيادة الأنتاج وجودته، بهما تُجتاز الصعاب.. وبهما نصل للرفاة المبتغاة .
– لذا أوصيكم يا عمال مصر أن تواصلوا دوركم الوطني الراسخ في دعم ومساندة الدولة المصرية ،فأنتم العمق الإستراتيجي للأمن القومي ، ولطالما كنتم الركن الركين الذي لا يهتز أمام الصعاب .. فالعامل المصري كان ولم يزل مواجهاً لكل الخطوب والملمات بعضده المفتول و وعيه الفطري الرشيد.
س : في رأيكم ما هو منبع الأزمة الحالية، وما هي السبل المتاحة لمواجهتها ؟
– فأجاب “البدوي” قائلاً :
إن ندرة النقد الأجنبي نتيجة إرتفاع الفاتورة الإستيرادية هي المعضلة الآنية ، وليس هنالك من حلٍ جذري لها إلا بزيادة الإنتاج مع ضرورة إحلال المكون الأجنبي بنظيره المصري مع الحفاظ على الجودة الشاملة كمحددٍ رئيس لا غنى عنه.
– ثم أستدرك قائلاً :
إذا كانت سياسة الدولة خلال الحقب الماضية قد أعتمدت على التوسع في الإستيراد مما أدى لتراكم مشكلات الصناعة المصرية فتوالت العثرات..! ، لكن جاء التوجه الرئاسي الحالي ليضع تعظيم الصناعة الوطنية كأولويةٍ قُصوى و وسيلة مُثلى لإجتياز الأزمة و لمجابهة التضخم الذي أجتاح العالم كنتيجة لأزمات دولية بدأت بكوفيد 19 ولم تنته بإشتعال الصراعات المسلحة وما تبعها من حالة إستقطاب دولي أثر سلبياً علي سلاسل التوريد للمحاصيل الزراعية و المنتجات الأولية التي لا غنى عنها لكل صناعة حديثة.
س : ما هي أولويات مواجهة الأزمة؟
ج :
– أعتقد ان ترتيب الأولويات يقتضي البدء في نفض الغبار عن الصناعة الوطنية، مع توفير كل التسهيلات لتشغيل ماكينات المصانع بأقصى طاقة..، ثم التسلح بالتنظيم المحكم مع تعميق متطلبات و وسائل الإدارة الراشدة ، بالإضافة لروح الأصرار والكفاح التي يتحلى بها العامل المصري .
– لذا .. فأنا أرى أن هذه المحنة قد وهبتنا منحةً فريدة لإستعادة إزدهار الصناعة الوطنية المصرية.
_ و بسؤاله عن رسالته لأصحاب الأعمال و بماذا يطالبهم لعبور تلك المرحلة الحرجة؟
ج :
– أقول لهم أن الصناعة أو الإنتاج في جوهره ينهض على علاقة شراكة مثمرة وتكامل فريد ما بين صاحب العمل والعامل ، ولكني أرى أن الخطوة الأولى والحاسمة تقتضي بث الوعي لطرفي العلاقة لكي تنمو وتثمر ، وذلك بأن تتبدل الصورة الذهنية لصاحب العمل تجاه العامل.. والعكس صحيح بالطبع ، لكي تَحِّلُ الشراكة و التوائم محل المغالبة و المكايدة .. فتنضبط المعادلة فيكون ناتجها إيجابياً لكليهما ثم للإقتصاد الوطني بتعاظم إجمالي الناتج المحلي؛
وحينذاك سيقوم صاحب العمل بالنظر للعامل كشريك ومكمل لا غنى عنه في العملية الإنتاجية.. و حينذاك سوف يواليه بالرعاية الشاملة والتدريب المستمر؛ وكذلك سيمنح عماله أجوراً عادلة مع توفير حماية إجتماعية وصحية شاملة؛ وفي المقابل.. سيقوم العامل بدوره على الوجه الأمثل بالعمل الدؤوب وفق محددات الجودة الشاملة.
_ ثم طالبناه بتوجيه نداء للقيادات و للأجهزة الحكومية يشتمل على أهم المطالب العاجلة لعمال مصر؟
– فأجاب “البدوي”، قائلاً :
يجب في البداية أن أشيد بالإمتيازات الممنوحة مؤخراً من رفع الحد الأدنى للأجور و زيادة حد الإعفاء الضريبي ، وكذلك توفير العديد من الحزم الإجتماعية الممنوحة لبعض الفئات مع زيادة مظلة الدعم العيني ، ولكن الإجراء الأهم في رأي .. كان تدشين الإستراتيجية القومية للتشغيل والتوظيف والتي تستهدف توفير فرص عمل جديدة وهي إستراتيجية تستحق الأشادة.
– ثم أكد :
لكني أطالب الحكومة بالإلتزام بالتوجه الرئاسي بتعزيز الإمتثال لمعايير العمل الدولية بهدف خلق بيئة عمل آمنة و لائقة تضمن الحفاظ على حقوق العمال مع ترسيخ الشعور بالأمان الوظيفي ،كما أننا نحتاج لتطوير أستراتيجي للصناعة وللشركات الوطنية يلتزم بمواكبة الثورة المعلوماتية والتكنولوجية لتحقيق إنتاج كثيف لا تعوزه الجودة.
– كما أطالب الحكومة بالاسراع نحو تطبيق مظلة التأمين الصحي الشامل لكافة محافظات مصر لتحقيق الأمان الصحي لكل فئات المجتمع.
س : حظيت سيادتك بمقعد مؤثر بلجان الحوار الوطني الذي بُعثَ للحياة بروحٍ وثابة و آمالٍ عراض ، فما هي أهم القضايا العمالية المطروحة للنقاش؟
– فأجاب :
نسعي لإقرار قانون العمل جديد.. لكن وفق فلسفة جديدة وفكر مغاير ، حيث نسعى لخلق بيئة عمل جاذبة تمثل محفزاً للإستثمار و تحقق علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية دون إنتقاص من مكتسبات العمال مع توفير الأمن الوظيفي الذي يقيهم من مخاطر الفصل التعسفي؛ ولا سيما في ظل التوجه الرئاسى بضرورة تعميق دور القطاع الخاص ، فلقد توقف القطاع الحكومي عن التوظيف بالإضافة للتوجه الجديد بطرح شركات قطاع الأعمال العام للمزيد من الشراكات الاستثمارية ،
أي أن القطاع الخاص سوف يكون هو رافعة الإقتصاد القومي مما يستلزم إقرار المزيد من المحددات والضمانات التي تكفل الحماية للعمال وحقوقهم مثل إقرار ضوابط صارمة لتحرير إستمارة 6 ؛ و أن يقتصر حق إصدار قرارات الفصل للمحاكم العمالية دون غيرها لكي تحقق العدالة الناجزة و العاجلة.
س : وما يعني لك تأجيل إصدار قانون العمل لعده مرات؟
– في الواقع ؛ لن أخفي تفائلي بهذا التأجيل الأخير ،و الذي أراه بادرةَ خيرٍ وإستجابة من الدولة للمطالب العمالية العادلة..، وكذلك سوف يمنحنا هذا التأجيل فرصة لدراسة كافة الأنماط الوظيفية التي أصبحت شديدة التباين في بنيانها الأساسي ومتطلباتها و في الحقوق المترتبة عليها ؛ فسوق العمل صار مليئاً بعلاقات عمل إفتراضية وأخرى غير مباشرة ؛ ولكن يترتب عليها واجبات يلزم أداءها بضمان قانوني، كما يترتب عليها حقوق يجب صونها بإصدار تشريعات معاصرة.
ثم استكمل “البدوي” قائلاً :
– يستحق قانون العمل بذل المزيد من الجهد الفكري لكي يجيء ملائماً للبيئة العمالية المستقبلية..؛ و ملبياً لكافة الآمال المشروعة..؛ و مواكباً لعلاقات العمل المستحدثة ..؛ و معالجاً للأنماط الوظيفية الجديدة التي فرضت نفسها على سوق العمل. و أخيراً نأمل أن يجيء محققاً لفلسفةٍ جديدة تسعى لترسيخ مفهوم _” الشراكه الناجزة “_ بين طرفي الإنتاج.
س : هل ستقوم بطرح قضايا وملفات أخرى فوق طاولة الحوار الوطني؟
ج : في الواقع ، يُراودني حُلمْ و يُداعبني أمل .. أن يصير هذا الحوار الوطني بمثابة القفزة الهائلة التي تنقل الوطن الى عالم الحداثة الرحب.
– لذا سأطرح أن يكون التدريب هو المشروع القومي للدولة المصرية ، حيث أعددت ورقة عمل تشمل أهم محاور هذا المشروع المأمول لتدريب وإعادة تأهيل عمالنا و شبابنا ، وأولها.. يكون بالإحاطة بأرقى وأحدث برامج التدريب التي تنهض على العلوم التكنولوجية والتطبيقية ، وثانيها.. يكون بالتدريب على أهم متطلبات الإدارة الحديثة، فتطبيق أساليب الإدارة الراشدة كفيل بالقضاء على نصف العوائق في طريق التنمية ، و ثالثها .. بترسيخ سلوكيات الدقه والإنضباط والتقييم الوظيفي للعامل وفق محددات واضحة ، و أخيراً .. التحفيز بخلق بيئة عمل مواتية لتفجير طاقات الإبداع.
_ ثم اختتم “البدوي” حديثه معنا قائلاً : – وختاماً.. ،
أعتقد يقيناً أن عمال مصر الأكفاء قادرون على إجتياز الأزمات ، بل و النهوض كماردٍ يحمي الأوطان و يصون المقدرات و يعظم المكتسبات.
Categories: أخبار, أعمدة الرأى, كلمة و مقال