Menu

لطائف بلاغية

بقلم : أ.د/ أحمد فتحي الحياني 

” أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ… ” النمل/٦٢ .

هذا التعبير القرآني يدل على سعة رحمة الله بعباده وعلى قدرته المقتدرة بأنه يجيب دعوة المضطرين على وجه الإطلاق دون تخصيص بأحد سواء أكان مؤمنا أم كافرا بدلالة إطلاق ( المضطر ) فهو مجاب الدعوة إذا دعاه وذلك لتعلق قلب المضطر بالله وحده مما سواه من الآلهة المزعومة .
والمضطر من الاضطرار من الضرورة ، أي الداعي هو من أصحاب الضرورة والحالة العسرة العلاج بما غشيه من كروب جسام ، أو أمراض من سيء الأسقام ، أو غموم وهموم وما إلى ذلك ، لأنّ السوء معناه عام لكل مايسوء صاحبه مما تنقطع عنه الأسباب في كشفه فيدعو الله فيجيبه ويعطيه سؤْلَه .
وعبَّر عن ذلك بالكشف عن السوء بدلا عن الإزالة ، لأن ( يكشف ) تعبير استعاري فيه تصوير الكروب وكأنها حجاب كثيف غطت على هذا المكروب وغشيته فلا يراه أحد ولايرى هو أحدا كما ألمح إلى ذلك بعض العلماء ، فهو في كرب يغطيه …
و(أَمْ ) في الآية منقطعة بمعنى بل والاستفهام ب ( مَنْ ) للتقرير ، أي : يقرِّرُهم بذلك لإقامة الحجة عليهم بما كشف عنهم من شدائد الكروب عند الضرورة .
لذلك يُنكِرُ عليهم عبادةَ غيرِه من الآلهة المزعومة التي لاتنفعهم ولاتضرهم في ختام الآية ” أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَاتَذَكَّرُونَ ” فالاستفهام بالهمزة ( أإله ) للإنكار ، أي : إنكار أن يكون معه – سبحانه – إلهٌ آخر لذلك نكَّره لأنه معدوم لاحقيقة له .
ولكنّ واقع حالهم لايتذكّرون هذه الحقيقة التي لاتحتاج إلَّا التذكُّرَ منهم باستحضارها لعلهم يرعوون فيتوبون عن كفرهم وشركهم .

Categories:   الإعجاز فى القرأن و السنة

Comments