Menu

لطائف بلاغية

بقلم : أ.د.احمد فتحي الحياني 

” مّايَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ…” النساء/١٤٧ .

استُهِلَّتِ الآيةُ الكريمةُ بجملة استفهامية ب : ( ما ) ، ومعنى الاستفهام فيها : ( النفي ) . أي : لايفعل الله بعذابكم شيئا إذا كنتم شاكرين له بطاعته بأعمالكم الصالحة الجامعة ، ومؤمنين به إيمانا قلبيا صادقا جازما .
فالله هو الغني عن عباده ، وهم الفقراء إليه ، ولكنّ اللهَ – سبحانه – رتَّب الأسبابَ على المسبَّباتِ بعلمه وحكمته .
ومن بلاغة النظم في الآية المباركة كما لحظ البلاغيون ذلك :
— تقديم الشكر على نِعَمِه الجمَّة في النظم ، وذلك بطاعته بالأعمال الصالحة بالجوارح والقلوب ، لأنّ الأعمال الصالحة الجامعة هي المصداق والترجمة العملية لإيمانهم أولا ، ثم إنّ العطف ( بالواو ) هو لمطلق الجمع لايستلزم ترتيبا .
لكنّ التقديم يوحي بأنّ الشكر ( الأعمال الصالحة ) مهمة ، وأنها من مستلزمات الإيمان الدافعة لعذاب الله عنهم ، فهما متلازمان يصدِّق أحدُهما الآخر .
— التعبير عن معنى النفي في النظم بأسلوب الكناية ، فلم يقل الحق – سبحانه – : ( لن يعذِّبَكُم اللهُ إن شكرتُم وآمنتُم ) ، بل سلَّط النفي على الأسباب والبواعث : ” مَايَفعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ…” فنفى بالاستفهام ( ما ) لإثارة المخاطبين بأنّ الله – سبحانه – غنيٌّ عنهم لايتشَفَّى منهم غيظا ، ولايَستجلبُ بعذابهم نفعا ، ولايدفَعُ عن نفسه ضرًّا ، كما يفعلُ الملوكُ من البشر بعذاب الناس – سبحانه – بل هو الغنيُّ الرحيمُ بعباده الرؤوفُ بهم يُجازي عبادَه الشاكرين المؤمنين بالفضل والإحسان .

Categories:   الإعجاز فى القرأن و السنة

Comments