Menu

أعرض عن العرض

بقلم الإعلامية : أماني مأمون

قصة تعبر عن واقعية الخيال

” وده ..
لما تبقى كلك عيوب
ولما تبقى كلك آفات .. ،
ولما تبقى مخلوق من نقص مش كمال
ولما تبقى نهايتك جيفة ميتة
ولما ميبقاش منك غير لسان يتحول لشوك بعد ما تموت و يأكل جسدك الدود
ولما ولما …. “

كما لو أنها رسالة ربانية فى أننا نتحول بكل جبروتنا وظلمنا وغرورنا و صولجاننا فى هذةالدنيا إلى جيفة نتنة يأكلها الدوود ولا يتبقى منها إلا اللسان ( الشوك ) فقط ….
شوكه وبس شوكه تؤلم و توجع… !

تلك الشوكة برغم من أنها أصغر الأعضاء داخل أجسادنا إلا أنها هي نفسها التي تدمر ممالك ودول و بشر
اللسان ( الشوكة )
اللسان الذى يخوض فى أعراض الناس بغير بينة ، اللسان الذى تصدر منه الكلمة
و التي -على الرغم- من سهولة مخرجها لكنها غير مأمونة العواقب .. لأنها سلاح ذو حدين فهى تحيي وتميت ..تحي قلوب بالفرح والنور وتميت قلوب هماً وقهراً قد يصل للموت الحقيقى

اللسان الذى تخرج منه الشائعات و التي هى بمثابة نبت شيطانى ولد من رحم الكلمة .. نبت قديم قدم البشرية ذاتها ، فهدمت دول و ممالك وتعرض لسوطها رسل الله و انبياءه و أصفياءه و أهل خاصته ، فالشائعة تنتطلق بأجنحتها و أذنابها السامة لتصيب الحق بسوط الباطل والصدق بلهيب الكذب الذى يسرى بين الناس كالنار فى الهشيم ليبدل و يدمر أقدار و أعمار … فتضيع الحقيقة ما بين لاهث وعابث ، و ما بين مردد لها و صاحب هوى يبغي مراداً من نشر الضلال والكذب والشائعات ، و اللسان هو العضو الذى يسعى كالحية فى أعراض عباد الله و كأنه يتلذذ كلما إزداد خوضاً و إفتراءً وكذبا

و لنتخيل سوياً قصة قد تحدث فيما بينا جميعاً ، و إن تعددت أشكالها و أنماطها بإختلاف البيئة المحيطة و الشخوص المتعاطية معها ، لكن ستبقى النتيجة واحدة على الأغلب الأعم ..

فها هي إمرأة قد أعتادت الخوض فى أعراض نساء مدينتها مع زوجها أثناء تناولهما لوجبه الغذاء وكانت دائمه السرد لرويات عارية من الصدق عنهن دون بينة ، كانت تؤكد إنحلالهن لمجرد أنها سمعت ذلك من غيرها ، وكثيرا ما كان زوجها يحاول أن يوقفها عند حد الشرع وينهرها لتتوقف عن الخوض فى أعراض خلق الله ، مذكراً إياها بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذباً أن يُحدث بكل ما سمع )
.. لكن كانت محاولاته تضيع هباء بلا جدوى ،
و فى أحد الأيام خرجت تتسوق ، وزوجها ذهب للعمل – كعادته – ولكنها وهى فى طريقها الى السوق تمزقت ملابسها ، فتوقفت كي تحاول “تظبيط” ملابسها الكاشفة لها عساها تستتر عن أعين الناس ..ولكن من سوء حظها كانت تقف أمام مبنى هو دورة مياة عمومية للرجال ، وفى اللحظة التى كانت تقوم فيها بتظبيط ملابسها هى نفس اللحظة التى يفتح فيها رجل باب الحمام ويخرج منه وهىكذلك ذات اللحظة التى تجمعت الناس من حولهما .. ليظنوا بهما الظنون ! فما كان منهم الا أنهم أقتادوهما إلى القاضى و الذى حكم عليهما فى الحال بأن يشهر بهما حتى تكون عبرة يتعظ بها عامة الناس ، و أمر كذلك بقص شعرها وتقييد يديها ، ثم طافوا بها فى أرجاء المدينة و الأطفال ورائها يرمونها بالححارة حتى مرت أمام مقر عمل زوجها والذى تأثر بالمشهد كثيراً ، لكنه لم يستطع أن يتحقق منها ..
و بإنتهاء عقوبة التشهير بها فى المدينة تم إطلاق سراحها لتعود الى منزلها قبل عودة زوجها ، فقامت كعادتها بإعداد وجبة الغذاء ليتناولونها كالعادة ، ولكن فى هذه المرة كان الصمت سيد الموقف منها … فى حين أن زوجها بدأ يسرد لها ما حدث لتلك المرأة التى تم التشهير بها وهو يلعن تلك المرأة بلا رحمة ، فإذا بها فى تلك اللحظة تنفجر فيه قائله أنها مظلووووومه …. و تقول .. هل تيقنت من هذه التهمة حتى تخوض فى عرضها هكذا بلا بينة ؟!
وهنا عرف زوجها أنها هى المرأة التى تم التشهير بيها فطلقها فى الحال
معتقداً أنها من فئة السيدات التى طالما تحدثت عنهن بسوء —-

حقاً كما تدين تُدان ، و من لا يرحم لا يُرحم.
ومن هنا عرفت حدود الكلمة ، و أيقنت بوجوب أن نلتمس الأعذار للناس ، عرفت أننا و لابد أن نفكر ألف مرة قبل الحكم على أحد ، عرفت أن الحياة ملئى بالصدف الغير سارة ، عرفت أن من ستر مؤمناً ستره الله يوم القيامة ، عرفت أنه يجب علينا عدم تصديق كل ما يقال ، عرفت الأثم المترتب عن ترديد كل نسمع ، عرفت المعنى الكامن لحاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا ..
وعرفت أن المرء الذي لا يخشى الله لابد أن تخشااااه كثيرا فهو إما فاجر أو ظالم ، عرفت عاقبة الخوض فى أعراض الناس بظلم و سوء ظن

فلربما هذا الشخص البرئ يرفع يديه إلى رب العباد ويدعوا فيكسر ظهر من ظلمه بدعوة لا ترد من الله الحق العدل فينتقم الله منه فى الدنيا والآخرة ، إن دعاء المظلوم مستجاب ، وليس بينه و بين الله حجاب وسينتصر الله له ، و يرد عنه مظلمته —– لأن الله الحق هو الحنان المنان حرّم الظلم على نفسه.

وفى النهاية
لن نستقيم حتى نعود لصانعنا وخالقنا فهو صمام الأمان لنا ، و في معيته سبحانه ننعم بالسكينة والحب و السلام.
لذا ..
أعرض عن العرض.

Categories:   أعمدة الرأى

Comments