Menu

هل حان الوقت لإعادة النظر في الليبرالية الجديدة؟


بقلم ا.د / أشرف منصور*

تعد أزمة فيروس كورونا هي الأزمة الصحية الأولى من نوعها من جهة انتشارها العالمي ، ومن جهة عجز كثير من حكومات العالم عن مواجهتها، و قد جاءت هذه الأزمة على خلفية تاريخية وسياسية واقتصادية خاصة ، وهي سياسات التحول إلى إقتصاد السوق الرأسمالي الحر ، حيث ينكمش الدور الإقتصادي للدولة إلى حده الأدنى ، و بحيث تصير الدولة مجرد حارس على السوق ، وإن أستدعى الأمر يكون لها دوراً فاعلاً وهو فرض قوانين السوق الحر بالقوة .. توصف هذه السياسات الإقتصادية ب “الليبرالية الجديدة” ، التي وُضِعَت موضع التطبيق منذ السبعينيات ، وشهدت الثمانينيات والتسعينيات تسارعاً في فرضها على مستوى العالم.
أدت هذه السياسات إلى إضعاف الدولة كجهاز إداري وسياسي وككيان إجتماعي في الغرب والشرق معاً ، وهو في إعتقادي ما أدى إلى إستفحال أزمة فيروس كورونا الحالية ، تلك الأزمة التي جاءت لتجد دولاً قليلة الحيلة في مواجهة الطوارئ المستجدة. ولعل الصين التي تُعَد الدولة الوحيدة في العالم التي لم تطبق سياسات الليبرالية الجديدة ونجحت في التنمية و التصنيع بغير المرور بالطريق الرأسمالي الغربي المعتاد، كانت من أنجح الدول في التعامل مع أزمة الكورونا، رغم أن أول ظهور للفيروس كان هناك، إلا أنها استطاعت المواجهة والاحتواء ثم التعافي.
أدت الليبرالية الجديدة إلى إضعاف الجسد الاجتماعي والسياسي مما أضعف من مقاومة هذا الجسد للفيروس الجديد، وحان الوقت لإدراك الحقيقة التي لم تكن واضحة بما فيه الكفاية حتى الآن ، وهي أن رأسمالية الليبرالية الجديدة باتت مهددة للوجود البشري ذاته ، ويجب إيقافها قبل أن تتوقف البشرية عن الوجود على هذا الكوكب.

* أستاذ الفلسفة بجامعة الأسكندرية.

Categories:   أعمدة الرأى

Comments