Menu

{ الإعجاز اللغوي في ألقرآن } • الفرق بين الزوجة و المرأة في القرآن الكريم •

بقلم : جاسم الحجاج العبادي

تعالوا لنتعرف معاً على البلاغة في القرآن و نتبين مواطن الدقة في التعبير و البيان القرآني ثم قولوا .. سبحانك يا عظيم يا منان.

هل كلمة (المرأة) و (الزوجة) مترادفتان في الخطاب القرآني الكريم ؟
عند إستقراء الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظان، نلحظ أن لفظ (زوجة) يطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامة بينها وبين زوجها، وكان التوافق والإقتران والإنسجام تاما بينهما، بدون إختلاف ديني أو نفسي أو جنسي مع إكتمال الزواج بالذرية
فإن لم يكن التوافق والإنسجام كاملا، ولم تكن الزوجية متحققة بينهما، فإن القرآن يطلق عليها (امرأة) وليست زوجاً ، كأن يكون اختلافاً دينياً أو عقدياً أو جنسياً بينهما …
– و من الأمثلة على ذلك:
قوله تعالى : ۞وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ۞ (الروم ) وقوله تعالى : ۞ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا۞ [الفرقان:74].
– و بهذا الإعتبار جعل القرآن حواء زوجا لآدم، في قوله تعالى :
۞وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ۞ (البقرة 35). وبهذا الإعتبار جعل القرآن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أزواجا )له، في قوله تعالى :
۞ النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ ۞ [الأحزاب: 6].

فإذا لم يتحقق الإنسجام والتشابه و التوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فإن القرآن يسمي الأنثى (امرأة) وليس (زوجا)؛ قال القرآن : إمرأة نوح، و إمرأة لوط، ولم يقل : زوج نوح أو زوج لوطو، وهذا في قوله تعالى :
۞ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ۞ [سورة التحريم: آية 10].
إنهما كافرتان ، مع أن كل واحدة منهما امرأة نبي ، ولكن كفرها لم يحقق الإنسجام والتوافق بينها وبين بعلها النبي. ولهذا ليست (زوجاً) له ، وإنما هي (امرأة) تحته.
و لهذا الإعتبار قال القرآن : إمرأة فرعون، في قوله تعالى :
۞وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ ۞ (سورة التحريم 11).
لأن بينها وبين فرعون مانع من الزوجية، فهي مؤمنة وهو كافر ، ولذلك لم يتحقق الإنسجام بينهما ، فهي (إمرأته) وليست (زوجه).
– و كذلك من روائع التعبير القرآني العظيم في التفريق بين (زوج) و (امرأة) ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، أن يرزقه ولداً يرثه ؛ فقد كانت إمرأته عاقر لا تنجبة، وطمع هو في آية من الله تعالى ، فاستجاب الله له ، وجعل إمرأته قادرة على الحمل والولادة.
عندما كانت امرأته عاقراً أطلق عليها القرآن كلمة (امرأة) ، قال تعالى على لسان زكريا :
۞وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) ۞ سورة مريم.
وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه، وأنه سيرزقه بغلام، أعاد الكلام عن عقم امرأته ، فكيف تلد وهي عاقر، قال تعالى :
۞ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) ۞ (سورة آل عمران)
و حكمة إطلاق كلمة (امرأة) على زوج زكريا عليه السلام أن الزوجية بينهما لم تتحقق في أتم صورها وحالاتها، رغم أنه نبي، ورغم أن امرأته كانت مؤمنة، وكانا على وفاق تام من الناحية الدينية الإيمانية ؛ لكن عدم التوافق والإنسجام التام بينهما ، كان في عدم إنجاب امرأته، والهدف (النسلي) من الزواج هو النسل والذرية ، فإذا وجد مانع بيولوجي عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب ، فإن الزوجية لم تتحقق بصورة تامة.
ولأن امرأة زكريا عليه السلام عاقر ، فإن الزوجية بينهما لم تتم بصورة متكاملة، ولذلك أطلق عليها القرآن كلمة (امرأة)
وبعدما زال المانع من الحمل ، وأصلحها الله تعالى ، فولدت لزكريا ابنه يحيى، فإن القرآن لم يطلق عليها (امرأة)، وإنما أطلق عليها كلمة (زوج) ، لأن الزوجية تحققت بينهما على أتم صورة ؛ قال تعالى :
۞ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۞

– الخلاصة أن إمرأة زكريا عليه السلام قبل ولادتها يحيى هي (إمرأة) زكريا في القرآن ، لكنها بعد ولادتها يحيى هي ( زوج) وليست مجرد امرأته؛ و بهذا عرفنا الفرق الدقيق بين (زوج) و (امرأة) في التعبير القرآني العظيم ، وأنهما ليسا مترادفين.

• اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
• ربنا تقبل منا عملنا واجعله خالصاً لوجهك الكريم.

Categories:   الإعجاز فى القرأن و السنة

Comments