Menu

مغالطة إستجداء المشاعر

بقلم : د. عماد فوزي شُعيبي*

في هذه المغالطة يتلاعب شخص ما بمشاعر الناس من أجل جعلهم يقبلون إدعاء ما .. على أنه صحيح ، عبر “إستدلال” يقوم على إستبدال وسائل مختلفة لإنتاج عواطف قوية بدلاً من عرض الأدلة على الإدعاء.
هذا النوع من “المنطق” شائعٌ جداً في السياسة ، وهو بمثابة أساس لجزء كبير من الإعلانات الحديثة في التجارة والسياسة ؛ حيث تهدف معظم الخطب السياسية إلى توليد المشاعر لدى الناس بحيث تدفعهم هذه المشاعر لكي يصوتون لصالح من يولّد تلك المشاعر بداخلهم أو يتصرفون بطريقة معينة يريدها ؛ كالقول أنا منكم وحبي لكم كما أن حبكم لي ، وتضحياتي ماثلة في وجدانكم وأنتم لا تضيّعون جهود أحبتكم كما كنتم دوماً أوفياء لأمهاتكم ..!
و في حالة الإعلانات التجارية ، تهدف الإعلانات إلى إثارة المشاعر التي ستؤثر على الناس لشراء منتجات معينة ، و في معظم الحالات تكون هذه الخطابات والإعلانات التجارية خالية من الأدلة الحقيقية ؛ كالقول نحن في المرتبة الأولى التي نالت ثقتكم ؛ رغم أن أحداً لم يصوّت على إستقصاء لكي ينالَ المُنتج المرتبة الأولى ولا يوجد ما يؤكد على أنه نال الثقة.
هذا النوع من “المنطق” يعد ​​مغالطة ؛ لأن إستخدام تكتيكات مختلفة للتحريض على العواطف لدى الناس لا يشكل دليلاً على ادعاء ما ، و هذه المغالطة هي في الواقع وسيلةٌ غير مقنعة و لكنها تتحول إلى (إيمان) داخل النفوس لأنها عاطفية ؛ ذلك أن عواطف الناس غالباً ما تحمل قوة أكبر بكثير من المنطق السببي حيث يكون الجدل المنطقي صعباً ويستغرق وقتا طويلاً ونادرا ما يكون لديه القدرة على دفع الناس إلى تغيير ما أرتسم في مشاعرهم ، لذا فقوة هذه المغالطة هي التي تفسر شعبيتها الكبيرة و استخدامها الواسع ، ولا يوجد خطأ بطبيعة الأمور في هذا ، لكنه ليس منطقيّاً ، وهو ما يصلح لدى 79.5% من الناس – أي العامة و جزء من الخاصة.
لكن الخطير هو بث الكراهية لشخصٍ ما عبر إثارة العواطف لإلهام أتباعه لقبول أنه يجب عليهم رفضه ، بمناشدة المشاعر و باستخدامها للهجوم الشخصي ، هذه المغالطة مرتبطة بمناشدة مغالطة الشعبوية ؛ التي تقوم على تثبيت موقف ما لأن له شعبيّةً بغض النظر عن المنطق و الموضوعية ، وعلى الرغم من الاختلافات بين هاتين المغالطتين ، إلا أنهما توحدهما حقيقة أنهما ينطويان على مناشدات للمشاعر .. في كلتا الحالتين ، تهدف المغالطات إلى جعل الناس يقبلون المطالبات بناءً على شعورهم، وعلى الحالة الجمعيّة (القطعيّة) التي توحدهم وليس بناءً على أدلة.

* أستاذ الابستمولوچيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية.

Categories:   أعمدة الرأى

Comments