Menu

لماذا نبخس قيمة ما نملك ..؟

بقلم : أ.د. مصطفى كامل السيد*

لدي مشكلة كبري في فهم تناقضات الدولة المصرية ؛ لماذا تبخس قيمة ما تملكه من أصول قيمة ؟ ، تضحي بقطاعها العام المدني ، و تتمني لو تخلصت منه في أقرب وقت مع أنه كان عماد صمودها في أحلك الأوقات ، وتشتكي من مشكلة الإدارة فيه، وكأنها ليست مسئولة عن سوء إدارته ، واليوم تغري أوائل الثانوية العامة ، وغالبيتهم الساحقة من مدارسها الحكومية بمنح لكي يدرسوا في الجامعات الخاصة والأهلية ، أي تكافئهم بإبعادهم عن جامعاتها مع أنها نفس الجامعات التي تخرج منها من تولوا رئاسة كل حكوماتها قبل الثورة و من المدنيين بعد الثورة بمن فيهم رئيس الوزراء الحالي وتقريبا كل وزرائه ، ولم يثبت بعد أن الجامعات الخاصة والأهلية قد تفوقت علي الجامعات الحكومية في التصنيفات الدولية ربما بإستثناء الجامعة الأمريكية في التصنيفات التي تعتبر أن وجود طلبة وأساتذة أجانب هي معايير هامة في التصنيف.
كما أن الغالبية الساحقة من الذين يدرسون في الجامعات الخاصة والأهلية بما في ذلك الجامعات الأمريكية والألمانية والبريطانية والفرنسية هم مصريون ومن العاملين في الجامعات الحكومية أنتدبوا أو أعيروا للعمل في الجامعات الخاصة لأن مرتباتهم هزيلة في الجامعات الحكومية ولأن الجامعات الخاصة تسترخص إستيراد الأساتذة من الجامعات الحكومية التي أنفقت علي تعليمهم و أبتعثتهم في الخارج بدلاً من أن تعد هي أساتذتها.

المشكلة أن هؤلاء الأوائل يريدون تحديداً الدراسة في الجامعات الحكومية، خريجو العلمي والرياضيات يريدون الدراسة في كليات الطب والهندسة ؛ من يجرؤ علي الإدعاء بأن كلية الطب في أي جامعة خاصة لديها أساتذة دائمون يتفوقون علي أساتذة الطب في القاهرة وعين شمس والاسكندرية وأسيوط والمنصورة؟ وهل سمعنا عن إنجازات في خدمة مصر جاءت من أساتذة هندسة غير أساتذة القاهرة وعين شمس والجامعات الحكومية الأخري ، أما أوائل القسم الأدبي يريدون و يردن الإلتحاق بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية وكلية الألسن ، أي جامعتي القاهرة وعين شمس .
لماذا هذا الشعور بدونية الجامعات الحكومية؟ أليست هي الجامعات التي يدرس فيها مالايقل عن ٩٠٪ من طلبة الجامعات في مصر؟ أو ليست مرافقها بمستشفياتها ومعاملها هي التي تساهم في مواجهة المشكلات العويصة التي تصادفها الدولة مثل المستشفيات الجامعية التي يتردد عليها ٦٠٪ من المرضي في مصر وهي التي تحملت المسئولية في علاج عشرات الآلاف من مرضي الجائحة لأن المستشفيات الخاصة وجدت فيهم فرصة للربح الذي لم يقدر عليه حتي مرضي الطبقة المتوسطة.

أقسم لكم ، وهذه بيانات معروفة أن الذي صنع نهضة الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة هي الجامعات الحكومية في هذه الدول ، والعجيب أيضا أن هذا هو الوضع في ألمانيا وفرنسا الدول الاسكندنافية.
بدلا من التعالي علي الجامعات الحكومية في مصر وفروا لها الموارد و أرفعوا عنها القيود و أستمعوا إلي مشورة أساتذتها. أؤكد لمن يصنعون القرار في الدولة المصرية أنهم لو فعلوا ذلك، ستصبح مصر فعلاً أم الدنيا.

* الأستاذ بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

Categories:   أعمدة الرأى

Comments