Menu

لبنان .. و القابلية لعودة الإستعمار

بقلم الكاتبة : نور الهدي زكي

(لو طلبت مني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله ما قلتها )
لخص الامام الشيخ “عبد الحميد بن باديس” رائد النهضة الإسلامية في الجزائر و الإصلاحي الإجتماعي الكبير بهذه العبارة رؤيته لدولة الإستعمار الفرنسي لبلاده .
تتداعى عبارة الأمام الشيخ الي الذهن كما تتداعي نظرية المفكر الجزائري “مالك بن نبي” في القابلية للاستعمار في وقت تفترش فيه أرض عدد من العواصم العربية بالجثث و تئن مراكز الإيواء بالعرب المستضعفين و المهانين في بلادهم الي المدى الذي تجوب فيه أنحاء عاصمة العرب الجميلة بيروت أسئلة مشبوهة حول الرغبة في عودة الإنتداب الفرنسي علي لبنان لينقذها من حالة اللحاق بطرابلس و بغداد و صنعاء و دمشق ؛ ومن حالة السقوط في بركة دماء و دوامة فقر وجوع و إنحطاط .. كان الإستعمار الفرنسي الذي يدعونه للعودة فاعلاً فيها قديماً وحديثاً.
لم يكن الإمام الشيخ و لا المفكر العالم يقرأ في كف الجزائر و لم يرجما بالغيب و لكنهما انشغلا بإنحطاط و إمكانية نهضة دول المسلمين ولم يكونا إسلاميين و انما كانا دارسين وباحثين في علوم إجتماع الشعوب و مقدمة إبن خلدون ، ومتحدثين عن تصفية الإستعمار في العقول و صولاً إلي استقلال حقيقي تسيطر فيه الدول علي مقدراتها فلا تكون دول تابعة لمستعمريها القدامى وتكون عقول أبنائها أسيرة لحالة ضعف و تبعية لقيم وثقافات و أفكار مستعمريها .
ما يحدث في بيروت الآن ليس بعيداً عن ليبيا والعراق واليمن وسوريا وليس بعيداً أيضاً عن نظرية ‘مالك بن نبي” في القابلية للاستعمار فقد حصلنا علي استقلالنا الهش الهزيل الذي لايسمح إلا بدويلات و طوائف ومذاهب و فرق تستعد لعودة الإستعمار أكثر من استعدادها للإنطلاق لتغيير إجتماعي وإصلاح إقتصادي يقوم علي بوصلة فكرية سليمة متحررة من الخلل والعطب الذي أصاب الدماغ و وصل الي العصب فكانت أسئلة القابلية لعودة الإنتداب الفرنسي علي لبنان .
لبنان ليست حالة متفردة لمرحلة السقوط و الإنحطاط العربي فربما لو طرحت نفس أسئلة عودة الإستعمار في بلادنا العربية كلها لوجدت مريديها .. فقد افتقدت دول و دويلات ما بعد الإستقلال الهش الي روح العدل في رغيف الخبز و الحرية في بطاقة الانتخاب مقابل نهب ثروات وتراكم حسابات بنكية وتنكيل بالشعوب .. افتقدت روح الكل مقابل الجزء .. افتقدت روح تمهيد الأرض لانطلاق يلحق بالعالم مقابل التحاق وتبعية تصل إلي درجة الخيانة .
حدث هذا في لبنان كما حدث في السودان و في اليمن وفي الجزائر وفي سوريا وفي ليبيا و في مصر و إن اختلقت الشعارات و اللافتات و درجات ونسب التبعية وعطب العقل .
الخلل فينا لبنانيين أو ليبيين أو مصريين .
القابلية لعودة مستعمرينا فينا من شدة هوانتا في دويلات مابعد الاستقلال .
العطب فينا من شدة تدليس و تبعية و ولاء حكومات مابعد الإستعمار ومن شدة التنكيل بنا لحماية الثروات والسلطة والنفوذ و مراكز التبعية .

Categories:   أعمدة الرأى

Comments