Menu

الهزل المحرج ..!

بقلم : منال لطفي

كيف تحولت “حفلة العلاقات العامة” بين الأمارات وإسرائيل إلى “هزل محرج” ؟ ؛رغماً عن إنه لم يمرأسبوع على إتفاقية السلام المفترضة لكن أوراقها تتساقط بسرعة مذهلة ..

– بعد إنتظار أسبوع ، أعلنت السعودية اليوم التزامها بخطة السلام العربية التي تقوم على تبادل الأرض مقابل السلام ، و عدم تأييد أي خطة سلام في الشرق الأوسط لا تعالج وضع القدس أو حق اللاجئين في العودة و دولة فلسطينية قابلة للحياة، معتبرة أن أي إجراءات آحادية إسرائيلية لضم الأراضي الفلسطينية تقوِض حل الدولتين.
– البيان السعودي هو إعلان فرملة لحفلة التطبيع الجماعية مع إسرائيل ؛ ففي أول الطابور كانت تقف البحرين و سلطنة عمان بإنتظار إشارة الإنطلاق .. لكن الإشارة لن تأتي ، ففي موازين القوى في مجلس التعاون الخليجي لن تسير تلك الدول وراء الأمارات إذا سارت السعودية في مسار آخر.
– التأخر السعودي لمدة أسبوع ، يكشف أن المداولات طالت بين عواصم الدول المعنية ، وبعد نهاية المداولات قررت السعودية أن الموضوع مغامرة غير محسوبة العواقب.

-لكن السؤال هو: من الذي هدم الحفلة التي كان يعدها نتنياهو وجعل التطبيع معه مأزق حرج؟
الإجابة : ننتياهو نفسه

فهو لم يعطى للأماراتيين ولا للدول التي تريد التطبيع أي فرصة لحفظ ماء الوجه ، أما في الداخل الإسرائيلي فقد بات على مرمى من سهام الجميع ، فبعد دقائق من إعلان ترامب التوصل لإتفاق سلام بين إسرائيل و الأمارات مقابل وقف إسرائيل ضم 30% من أراضي الضفة المحتلة ، خرج نتنياهو ليعلن أن هذا غير صحيح وأن مشروع الضم قائم وسينفذ و “التأجيل مؤقت فقط”.
– ثم جاءت الضربة القاصمة بعد تصريح للسفير الأمريكي لدى إسرائيل (ديفيد فريدمان) الذي قال : “كلما أصبحت الإمارات صديقة لإسرائيل ، كلما أصبحت شريكاً أقليمياً موثوقاً لأمريكا ،و من الواضح أن هذا سيغير التهديدات والتقييمات المتعلقة بمبيعات السلاح للأمارات” ، في إشارة إلى أن الأمارات ستتمكن من الحصول على أنظمة سلاح متطورة لا تحصل عليها سوى إسرائيل ومن بينها طائرات “F-35” ، التي ترغب الأمارات في شرائها لكن تواجه برفض البيت الأبيض والكونجرس وإسرائيل التي لا تريد خسارة مبدأ “التفوق العسكري النوعي” على الدول العربية.
-لكن أمس وخلافاً لتطمينات ديفيد فريدمان للأمارات ، أصدر مكتب نتنياهو بياناً أكد فيه أن اتفاقية السلام مع الإمارات “لا تتضمن أي تغييرات في سياسة بيع الأسلحة” ، قائلاً : “بادئ ذي بدء، يعارض رئيس الوزراء، نتنياهو، بيع نظام F-35 والأسلحة المتطورة إلى أي دولة في الشرق الأوسط، بما في ذلك الدول العربية التي تصنع السلام مع إسرائيل” ، نافياً أن الاتفاق مع الأمارات يتضمن بيعها نظام F-35.
-لكن الفضيحة السياسية أنفجرت في وجه نتنياهو بعدما قام (ناحوم برنيع) ، كاتب العمود في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ، بكشف إنه وفقاً للتفاهمات مع أمريكا، سيتم السماح للإمارات بشراء طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-35 وأنظمة أسلحة متطورة أخرى ، و برغم نفى نتنياهو بشكل قاطع أن طائرات F-35 جزءا من الصفقة ، تمسكت “يديعوت احرونوت”بقصتها ، وتأكد صحفيون إسرائيليون آخرون من مصادر إسرائيلية وأمريكية وأماراتية من صحة تقرير “يدعوت احرنوت”.
-نفى نتنياهو يضعه في موقف صعب مع الأمارات وأمريكا ، ففيما يتعلق بالأمارات ، نفي نتنياهو أنه سيوقف ضم الأراضي في الضفة المحتلة، ونفيه بيع أسلحة متطورة للأمارات مقابل التطبيع يجعل الأمارات تتساءل: ما هو الثمن الذي سنحصل عليه إذن؟
-أما بالنسبة لإدارة ترامب التي تتمنى أي نصر دبلوماسي، مهما كان مفرغاً من المضمون، فلا شك تشعر بالإستياء .. ففي نظر ترامب لم يكن هناك داعي لنفي نتنياهو لاحتمالات بيع أسلحة متطورة للأمارات مقابل التطبيع مع إسرائيل ، فكل عمليات بيع الأسلحة، حتى المتطورة جداً منها، تتم وفق جداول زمنية مختلفة ، ويتم التحكم في مدى تطورها عبر تزويدها أو عدم تزويدها بأنظمة فرعية معينة وقدرات إضافية. بعبارة آخرى يمكن لأمريكا بيع الأسلحة للأمارات بعد عدة سنوات ، وبدون تزويدها بكل الأنظمة والقدرات الأضافية كى يتم الحفاظ على التفوق النوعي الإسرائيلي.
– نتنياهو، الذي بات هدفاً للمستوطنيين الأرثوذكس بسبب تأجيل الضم في الضفة، لم يجد من يدافع عنه من وزرائه ، فهو أصلاً لم يخبر وزير الدفاع “بيني جانتس” ولا الخارجية “جابي أشكنازي” بالصفقة مع الإمارات مما أدى لإنتقادات حادة له على أساس أن توقيع صفقة دبلوماسية معقدة ذات تداعيات عميقة دون استشارة مجلس الوزراء هو قمة اللامسؤولية والنرجسية السياسية.
-إذن لم يمر أسبوع على اتفاقية السلام المفترضة بين إسرائيل والأمارات ، و أوراقها تتساقط بسرعة مذهلة حتى أن هناك شكوك أن “محمد بن زايد” سيسافر إلى واشنطن خلال 3أسابيع للتوقيع على الاتفاقية.

Categories:   أعمدة الرأى

Comments