Menu

لقد فاز من أحصاها

لقد فاز من أحصاها

إعداد : بسنت منجي

الحمد لله العزيز الغفار، الواحد القهار، رب العزة الجبار، مقدر الأقدار، مكور الليل على النهار. و نشهد أن لا إله إلا الله إقراراً بوحدانيته، و إعترافاً بما يجب على كافة الخلق من الإذعان لربوبيته؛ و نشهد أن محمداً عبده و رسوله الذي أصطفاه من خليقته؛ و أنه _صلى الله عليه وسلم _ أكرم الأولين و الآخرين من بريته؛ أكمل الخلق و أزكاهم و أعرفهم بالله العلي القدير. 

* لقد أختص الله عز وجل ذاته العلية بأسماءٍ و صفات ، أتاح بعضها لخلقه و أستأثر ببعضها في علم الغيب عنده، و قد وعدنا النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام _نحن أمته من المسلمين الذين آمنوا به و تآلفت قلوبهم تحت راية التوحيد_ بالجنة مستقراً لمن أحصى تلك الأسماء الجليلة .. 

فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ : إن لله تسعة وتسعين أسماً من حفظها دخل الجنه، و الله وترٌ يحب الوتر ، وفي رواية من( أحصاها) _رواه البخاري ومسلم .

و قالوا إن أسماء الله الحسنى ليست محصورةً على التسعة و التسعين أسماً، بل أسماء الله الحسنى لا يحصرها العدد، وهذا مذهب جماهير أهل العلم .فكما قال (الإمام النووي) مقصود الحديث أن هذه التسعة و التسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد إخبار الأمة عن دخول الجنه بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء داخل عدد محدد. 

* أما فحوى الإحصاء و جوهره فيكون بحفظها والإيمان بها؛ ويكون كذلك بالتدبر والتعقل لمعانيها؛ ثم العمل بمقتضى مدلولاتها.. 

ولهذا جاء في الحديث الآخر، عن إبن مسعود رضي الله عنه، أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال : 

“ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال .. اللهم إني عبدُكَ وإبن عبدِكَ وإبن أَمِّتِكَ، ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدلٌ فيَّ قضائك؛ أسألك بكل أسمٍ هو لكْ.. سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي .

إلا اذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً .

فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها

فقال : بلى ؛ ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها “. _رواه الإمام أحمد & بن حبان & الحاكم وصححه

وقد أستقر أهل العلم أنه لا تعارض بين الحديثين؛ و من فوائد الحديث :

١- اليمين بالله تعالى تعد منعقدةً بأسماء الله الحسنى كالرحمن الرحيم الحي وغيرها بإتفاق 

٢- الحديث ليس فيه حصر لأسمائه تعالى بالإتفاق ، إنما المقصود منه أن هذه التسعة و التسعين أسماً من أحصاها دخل الجنة.

٣- فيه إكبار لعظمة الله تعالى- لأن تعدد الأسماء يدل على عظمة المسمى.

٤ – فيه التشجيع على الإجتهاد في طلب الأسماء الحسنى لأنها أبهمت.

٥- من إحصاء الأسماء الحسنى الدعاء بها .

وقد أمرنا الله تعالي أن ندعوه بأسمائه الحسني فقال تعالي:

 ” و لله الأسماء الحسني فأدعوه بها ” _ (الأعراف ١٨٠) 

و قال : ” قل أدعوا الله أو أدعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى” _ (الأسراء ١١٠) 

* إن كمال العبد وسعادته يكون في التخلق بما أمرنا الله تعالى به؛ كما يكون بالتحلي بمعاني صفاته و أسمائه بقدر ما يُتصور في حقه؛ و تتفاوت حظوظ المقربين من معاني أسماء الله تعالى لثلاثة مراتب :

 الأول : معرفة هذه المعاني على سبيل المكاشفة و المشاهدة ؛ حتى تتضح للرائين حقائقها بالبرهان الذي لا يجوز فيه الخطأ .

 الثاني : إستعظامهم ما ينكشف لهم من صفات الجلال على وجه ما ينبعث من الاستعظام ؛ فينبثق شوقهم الى الأتصاف بما يمكنهم من تلك الصفات .

 الثالث : السعي في أكتساب الممكن من تلك الصفات والتخلق بها والتحلي بمحاسنها؛ فبها يصير العبد ربانياً؛ أي قريباً من رب العرش العظيم .

* و لقد قيل في بيان حد الأسم وحقيقته (الاسم هنا يقصد به أسماء الله الحسنى):

 “إن للأشياء وجوداً في الأعيان، و وجوداً في الأذهان ،و وجوداً في اللسان ؛ 

 * أما الوجود في الأعيان فهو الوجود الأصلي الحقيقي.

 * والوجود في الأذهان فهو الوجود العلمي الصوري.

 * وأما الوجود في اللسان فهو الوجود اللفظي الدليلي.

.. .. فنسأل الله تعالى أن يسهل الصواب، ويجزل الثواب .. بمنه ولطفه وسعة جوده ، إنه الكريم الجواد الرؤوف بالعباد .

Categories:   رؤيه و رساله

Comments