هاكونا ماتاتا وأفرقة سد النهضة
بقلم : د . حمدي عبدالرحمن حسن
لقد صاحب مشروع النهضة الأفريقية الذي هندسه الرئيس الفيلسوف ثابو مبيكي سردية حلول أفريقية للمشكلات الإفريقية ، كان ذلك واضحاً منذ عام 2002 والتحول للاتحاد الإفريقي الذي أصبح من حقه التدخل في شئون الدول الأعضاء في حالة تعرض السلم والأمن للخطر كما أنشئت آلية جديدة للسلم والأمن الأفريقي ، المهم بات الخطاب الإعلامي الأفريقي ولاسيما في الدول الإقليمية الكبرى بالغ الحساسية من تجاوز المؤسسات الأفريقية الإقليمية والقارية .
تلك مسألة كان يتعين علينا تفهمها ولاسيما أن أثيوبيا استطاعت من خلال حملاتها الدعائية توظيف دعم ترامب الموقف المصري للترويج لروايتها وتصوير القضية على أنها ضد عنصرية ترامب ولاسيما في ظل تصاعد الأجواء الخاصة بحملة حياة السود تهم ؛ كان منطقيّاً أن يذهب وزير الخارجية الأمريكي في أعقاب فشل مفاوضات واشنطن إلى أديس أبابا ويعلن أن المفاوضات قد تستغرق شهورا بل وينجح أثيوبيو المهجر من إختراق صفوف تجمع البلاك كوكس في الكونجرس لتأييد وجهة النظر الاثيوبية.ومن جهة أخرى قامت أثيوبيا بتصوير الموقف العربي من سد النهضة على أنه محاولة لإحداث الفرقة بين العرب و الأفارقة بل والتشكيك في هوية مصر الأفريقية.
ومع تزايد حدة الضغط الدولي وتحويل الملف إلى مجلس الأمن واتخاذ مصر موقفا صارما برفض التصرف الأحادي وبدء الملء دون اتفاق قد يكون الحل الأفريقي هو المخرج الأمن للجانب الأثيوبي. ومن يتابع الرأي العام الأثيوبي يلاحظ كما لو أن أثيوبيا حققت نصرا مبينا بأفرقة سد النهضة. لا بأس فمصر حقوقها واضحة ومتمسكة بها سواء تمت المفاوضات اسفيريا أو في أي من العواصم الثلاثة أو في أي مكان في العالم.
هذه المرة علينا أن نتعلم الدرس ونحدد رؤيتنا للمستقبل من خلال تبني خطاب إعلامي وسياسي جديد تجاه أشقائنا في أفريقيا ولاسيما دول حوض النيل . لقد عمدت جهات معينة في الإقليم إلى شيطنة مصر بكل السبل وخلقت وعيا زائفا عن حقيقة مصر ودورها الحضاري على مر العصور في محيطها الأفريقي.
أرى بارقة أمل إذا توافرت الإرادة السياسية لدى أثيوبيا التي وافتها الفرصة من خلال وساطة رامافوسا والاتحاد الأفريقي. لا يتم الملء قبل التوصل لاتفاق. هل هذا ممكن نعم. أولا تعترف أثيوبيا بإلزامية أي اتفاق يتم التوصل إليه. ثانيا الاتفاق على تعويض النقص في معدلات تصريف المياه الواردة إلي السودان ومصر في سنوات الجفاف والجفاف الممتد. وبالمناسبة طبقا لتقديرات البنك الدولي الذي كان شريكا في مفاوضات واشنطن أن أسوأ سيناريو لمعالجة الجفاف لن يخفض من الطاقة الكهربائية لسد النهضة بأقل من 70%. الأمر الثالث هو آلية تسوية المنازعات ويمكن في هذه الحالة الجمع بين المقترحين المصري الأثيوبي حيث يتم اللجوء إلي التحكيم الأفريقي بعد إستنفاذ التفاوض والتوفيق.
كل ذلك يعتمد على حسن النية و وقف الحملات الإعلامية كما ورد في إعلان رئيس الوزراء الأثيوبي أبيي أحمد بالأمس ، إذا تحقق ذلك نقول في مصر وبكل ثقة وبلسان سواحيلي مبين : هاكونا ماتاتا لسد النهضة.
Categories: أعمدة الرأى