Menu

.. إدارة التغيير ..

بقلم : محمد فضل فتح الباب **

نتكلم اليوم عن موضوع بالغ الأهمية و المعاصرة فهو حديث الساعة و واجب الوقت الآني؛ لذا سأدع أفكاري تتداعى و تداعب القلم لكي تصل إلى قلوبكم عسانا أن نرسم سوياً أجمل خريطة ذهنية بكلمات تفيدنا بكل ما فيها ؛ فالتفكير فيما نعيشه من ثنائيات إدارية نتعامل معها وتحتل واقعنا الإداري قد يفضي للوقوع دون قصد في التخليط بينها رغم اختلافها.
وهذا لا يعني رفضنا المطلق لكل ما هو ثنائي؛ بل يمكنا قبول ذلك شريطة أن يكون هنالك تكامل فيما بينهما، أما الخطورة فهي في التضاد وظهورها متناقضة؛ حينذاك نصير كمن يسير فى نفس المكان دون تقدم ..!

° ومن بين تلك الثنائيات:-
التغيير والتطوير ، القيادة والإدارة ، الوصف الوظيفي والوظيفة ، الحافز المادي والحافز المعنوي، وغير ذلك الكثير من الثنائيات وما يهمني في هذه الثنائيات هو (التغيير والتطوير).

ولا بد من التوضيح أن هناك فرقاً كبيراً بين التغيير والتطوير على إعتبار أن التطوير وظيفة إدارية، بينما التغيير فهو أداة من أدوات الإدارة، فالجمع بينهما قد لا يكون صواباً! ؛ حيث أن العنوان يوحي بالمساواة بين التغيير والتطوير؛ وكأن التغيير مرادف للتطوير وذلك لوجود حرف العطف بينهما؛ وحرف الواو – كما قال علماء اللغة – هو من الأحرف التي تشرك المعطوف مع المعطوف عليه مطلقاً أي: لفظاً ومعنى. وأنا أعتقد أن التطوير هو هدف نهائي لأي جامعة تسعى للارتقاء ، أما التغيير فهو وسيلة أو أداة من أدوات التطوير مثله مثل إدارة الجودة الشاملة أو الهندرة (الهندسة الإدارية) عندما تستخدم كوسائل في الجامعات لإحداث التطوير الإداري المطلوب.
ولعلي من خلال استعراضي للثنائية الحادثة بين التغيير والتطوير أحدد المقصود بالمفهوم أولاً؛ وأهمية هذا التحديد ثانياً، لأن المفاهيم هي التي تساعدنا على التمييز وتسهيل التعامل بها من قبل المستخدمين دون تناقض أو سوء فهم في التناول أو في الإستخدام .

° ما هو التغيير؟

التغيير هو “الانتقال من مرحلة أو حالة غير مرغوبة إلى مرحلة أو حالة أخرى مرغوبة، حيث يفترض فيها أن تكون أكثر إيجابية لتحقيق أهداف المنشأة المنشودة وتلقى قبولاً لدى أغلبية العاملين”. و يتطلب ذلك التغيير جهوداً متواصلة ومضنية من الجامعة ومن المديرين في التخطيط لعمليات التغيير ومجابهة ردود الأفعال الناجمة عنها المتمثلة في شعور العاملين بعدم الإتزان وعدم القدرة على التصرف وهذا ما يعرف (بالصدمة) ؛ ثم بعد ذلك تأتي مرحلة (عدم التصديق) ببدء الدوران الفعلي لعجلة التغيير ؛ وفي بعض الأحيان يكون (الشعور بالذنب) من قبل العاملين الذين يعتقدون أنهم هم السبب في التغيير المفاجئ و انتهاءً بقبوله.
ولن أتحدث عن أسباب مقاومة التغيير التي باتت معروفة من القلة القليلة التى تخشى على مكتسباتها الشخصية لدى الإداريين المختصين بل أريد أن أركز حديثي حول إدارة التغيير، ومن الذي يقوم بالتطوير التنظيمي؟ وقبل الإجابة على هذين السؤالين لابد من تعريف – ولو بشكل مبسط – بماهية التطوير التنظيمي؟ ثم بعد ذلك نعرج على العلاقة بين التغيير والتطوير.

° ما هو التطوير التنظيمي؟

من الصعب الخروج بمفهوم مشترك للتطوير التنظيمي لأنه مفهوم واسع وعام تختلف برامجه باختلاف الفلسفة أو الأسلوب الذي يتم به تطبيق المبادئ السلوكية المتضمنة فيه؛ وقد يُعرف التطوير التنظيمي بأنه الخطة الإستراتيجية التي تضعها الجامعة ممثلةً فى متخذي القرار لتحسين أدائها والكيفية التي تعالج بها مشاكلها وتجديدها وتغييرها لممارساتها الإدارية والاعتماد على المجهود التعاوني بين الإداريين المنفذين للخطة مع الوضع في الاعتبار الظروف البيئية الداخلية والخارجية وتحسين هذه البيئة لكى تكون ملائمةً لما هو قادم.

° إدارة التغيير :

من الكلمات السابقه يتضح أن هناك صعوبات جمة تواجه قادة التغيير والتطوير التنظيمي؛ ومكمن هذه الصعوبات في المقاومة المحتملة للتغيير لعدم إلمام المتأثرين به بخطواته وما ينطوي عليه من تأثير مباشر على مستقبلهم بعد أن يصبح التغيير واقعاً ملموساً! وعلى الإدارة الجديدة، قبل أن تبدأ في تنفيذ عمليات التغيير والتطوير أن تقوم بعمليات التخطيط والتنظيم له؛ و المقصود بالتخطيط لعمليات التغيير هو إيجاد الوصف الدقيق لما يجب إنجازه ، وتحديد الأدوات والوسائل المستخدمة لتحقيق ذلك. إن خطة التغيير لابد أن تكون قادرة على الإجابة عن العديد من الأسئلة المتعلقة بعناصرها، ومنها:

– ما هي مشاكل الجامعة على كافة المستويات الإدارية والتنظيمية؟

– كيف نتمكن من جمع المعلومات اللازمة عن هذه المشاكل وتشخيصها بدقة ثم تحديد البدائل واختيار الحل الأمثل؟

– من هم المستهدفون بالتغيير (الأفراد – الجماعات – التنظيم الهيكلى بالترقي لكى يكون هناك متسع لإختيار عناصر قادرة)؟

– من سيقوم بعملية التغيير، وما هو دور المستويات الإدارية في المساهمة في عمليات التغيير؟

– ما هي مراحل التغيير (التهيئة – وتحديد الهوية القانونية (الإذابة) – التغيير – التجديد)
ثم ما هي المدة الزمنية المرتبطة بكل مرحلة؟ وهناك الكثير من الأسئلة لا مجال هنا لذكرها والتوسع فيها.

وبالانتقال إلى عملية تنظيم التغيير فإن المقصود بذلك من يقوم بالتغيير، ومتى، وكيف تتم عملية التطوير التنظيمي؟ فقد تنفرد الإدارة العليا بذلك وتستأثر به نظير ما تملكه من سلطات وصلاحيات. فالإدارة العليا تخطط وتنظم عمليات التغيير والتطوير ثم تصدر من القرارات ما يضمن تنفيذ خطة التغيير. وتعتمد الإدارة العليا في قراراتها على ما توافر لديها من معلومات وتقارير وتتأكد من صحة هذه التقارير بنفسها بعمل ملتقى فكرى للعاملين وقد تعتمد على خبراتها الذاتية. وهذا التوجه يعد اتصالاً ذا إتجاه واحد أي من أعلى إلى الأسفل. لكن .. قد تفضل الإدارة العليا مشاركة كافة المستويات الإدارية والتنظيمية في عملية التغيير. وهذا الإتجاه يفترض أن العاملين في هذه المستويات من ذوي الكفاءات العالية والمتميزة؛ و يفترض كذلك أنهم مؤهلون للمشاركة في قيادة دفة التغيير، وأن مشاركتهم تقلل من تأثيرهم في تبطئة إنجاح عملية التغيير وتعتبر اعترافاً ضمنياً بقوتهم وسلطانهم الذي لا يمكن إنكاره وتضمن تفاعلهم ودعمهم للتغيير.

أما البديل الأخير الذي قد تفضله الإدارة العليا في تنفيذ خطة التغيير والتطوير فهو التفويض. وتلجأ الإدارة العليا إلى تفويض كافة المستويات التنظيمية والعاملين بالمنظمة في تحديد معالم التغيير المطلوب وإحداث التطوير المناسب. وهذا يعني مسؤولية هذه المستويات عن تحديد مشاكلها وإيجاد الحلول المناسبة لها واتخاذ القرار المناسب حيالها. وهناك عدة أساليب لتفويض المستويات الإدارية والعاملين بالمنظمة منها: تدريب الحساسية ومناقشة الحالة.

° أي الطرق المطروحة تعد الأفضل؟

لا يمكن الجزم بأن هناك طريقاً من الطرق السابق ذكرها (الإدارة العليا – المشاركة – التفويض) هي الأفضل لاعتبارات كثيرة منها: رضا العاملين المتأثرين بالتغيير، مدى مقاومة التغيير وقوته، سرعة التغيير والالتزام به. ويبدو أن التغيير بالمشاركة قد يؤدي إلى أفضل النتائج كما بينت ذلك الدراسات التي تطرقت إلى فعالية طرق التغيير المختلفة، حيث إن رضا العاملين بالتغيير يكون مرتفعاً، ومقاومتهم له تكون منخفضة، وكذلك إلتزامهم به واستعدادهم للتجديد والإبداع المستمر يكون مرتفعاً أيضاً.لتحقيق مكتسباتهم المادية والمعنوية

وبصرف النظر عن وسيلة التغيير التي ستلجأ إليها المنظمة فإنه لابد من تحديد المستهدفين بالتغيير ومتطلبات كل فئة. هل المستهدفون هم الأفراد أم الإدارات والأقسام (جماعات العمل) أم التنظيم بما يحتويه من أنظمة وإجراءات وهياكل؟ لأن هذه هي العناصر الأساسية التي تشكل المنظمة ويجب الاهتمام بها في عمليات التغيير والتطوير.

ختاماً ..
يظل كل ما طرحته في هذا المقال لا يمثل سوى رأيي المتواضع، وأن الدافع لكتابته هو إدراك الأسس العامة التي يجب أن يقوم عليها التطوير التنظيمي وأنها من الأمور البالغة الأهمية بصرف النظر عن الوسائل المستخدمة لإحداث هذا التطوير. والتطوير التنظيمي في واقع الممارسات الإدارية لم يلق اهتماماً بالشكل اللائق يضاهي دوره الحقيقي في حياة الجامعة وتكوينها وتشكيل الوحدات الإدارية المنسجمة المترابطة والقائمة على تحقيق المصالح العليا للجامعه لتحقيق الهدف؛ وكان العائق هى الامور المادية.
ومع الأسف نجد كثيراً من الدراسات التي تناولت العلاقة بين التغيير والتطوير التنظيمي في أدبيات الإدارة لا تقوم على التفريق بينهما وقد تناولت هذه الدراسات جزئيات مبتورة وهي كيفيه تدريب وتطوير الموارد البشرية لأنها هي الركيزة الأساسية فى التغيير والتطوير؛ وخرجت عن السياق العام لمتطلبات التطوير الإداري بعيداً عن النظرة الشمولية المتمثلة في الاستقرار العام لوضع المنظمات الإدارية المعاصرة.

.. والله من وراء القصد ،،،

* مدير إدارة بالإدارة العامة لشئون الطلاب ( إداره التجنيد).
* نائب رئيس اللجنة النقابية & سكرتير التثقيف باللجنة النقابية.

Categories:   أعمدة الرأى, كلمة و مقال

Comments