Menu

فضحتها كورونا : أين تذهب 3.6 تريليون دولار تنفقها أمريكا على الصحة

بقلم الكاتب الصحفي : محمد المنشاوي*

 أين تذهب 3.6 تريليون دولار تنفقها أمريكا على الصحة؟

1-أنفقت الولايات المتحدة العام الماضي ما يقرب من )3.6 تريليون دولار) على الرعاية الصحية أو ما قيمته 17% من الناتج القومي الإجمالي طبقا لبيانات مكتب الإحصاء القومي.

2-يعادل هذا المبلغ خمسة أضعاف ما ينفق على الجيش الأمريكي طبقا لبيانات ميزانية عام 2019 الفيدرالية.

3-بلغ متوسط نصيب المواطن الأميركي من الدخل القومي عام 2019 ما يقرب من (65 ألف دولار سنويا) ، في حين يبلغ متوسط أجر الطبيب مائتي ألف دولار سنويا في حين يحصل الممرض على متوسط 75 ألف دولار سنويا.

4– تتصدر الولايات المتحدة دول العالم في مجالات التكنولوجيا الطبية إذ يوجد بها أفضل مستشفيات العالم التي يقصدها أغنياء وزعماء الكثير من دول العالم للحصول على رعاية طبية لن تتوفر في أي دولة آخرى.

5– تتقدم الولايات المتحدة كذلك في مجال البحوث العلمية الطبية مما جعل جامعاتها ومراكزها البحثية المنتشرة في طول البلاد وعرضها قبلة للكثير من الأطباء والباحثين من مختلف دول العالم.

6– تنفرد الولايات المتحدة بالريادة و بلا منافسة في جوائز نوبل في الكيمياء والطب خلال العقود الأخيرة ، وأرجع البعض إنخفاض نسبة الوفيات الناجمة عن كورونا في الولايات المتحدة مقارنة ببقية دول العالم لهذا التقدم العلمي وقوة البنية التحية الطبية.
لكن .. ومع تفشي وباء الكورونا على نطاق واسع داخل الولايات المتحدة ظهر للمواطنين الأميركيين عدم إستعداد بلادهم لمواجهة طبية من العيار الثقيل على الرغم من ضخامة ميزانية الصحة.

7– أكتشف الأمريكيون عدم توافر أدوات طبية أساسية وبسيطة لا تحتاج تكنولوجيا معقدة لإنتاجها أو توزيعها أو استخدامها في مشافيهم.

8– يتندر الأمركيون على محدودية ما هو متاح من القفازات الطبية والأقنعة الواقية والملابس المعقمة الضرورية للعاملين في مجال الصحة ، إضافة لأجهزة التنفس الصناعي الضرورية للحالات الحرجة المصابة بفيروس الكورونا خاصةً لكبار السن.

وتعد الإجابة على سؤال الفشل الأمريكي في الاستعداد والتعامل مع إنتشار وباء الكورونا شديدة التعقيد :
أ‌– هناك البعد السياسي المتعلق بسوء أداء إدارة الرئيس دونالد ترامب وتجاهله التحذيرات المبكرة والمتكررة من أجهزة الإستخبارات أو من مسئولي القطاع الصحي، وعدم الإستعداد لمواجهة أعداد كبيرة من الإصابات ، إضافة لحل (وحدة التهديد البيولوجي) بمجلس الأمن القومي قبل عامين.
ب– هناك كذلك الخلل في ترتيب أولويات الانفاق العام ، وكيفية تخصيص الموارد المالية الضخمة التي تنفق في مجال الصحة ؛ فلا يوجد أي مبرر لعدم وجود مخزون إستراتيجي من هذه المواد للتعامل مع أي ظرف طارئ كحالة الكورونا الحالية ، ولا يقع العبء هنا على الرئيس الأمريكي وحده، نظراً لطبيعة النظام الفيدرالي وعدم المركزية و وجود خمسين حاكماً للولايات الخمسين بما لهم من صلاحيات واسعة.
ج– الربح المادي هو محرك كل القرارات المتعلقة بقضايا الصحة العامة، وهناك إعتماد تضاعف خلال السنوات الأخيرة في الحصول على الكثير من الأدوات الطبية من أسواق خارجية في الصين وغيرها خفضاً للنفقات.

و يمكن تقسيم وجهات إنفاق ميزانية قطاع الصحة الأمريكي خلال عام 2019 والتي بلغت 3.6 تريليون دولار على النحو التالي:
* تكلفة التأمين الصحي 2.100تريليون دولار = 58%
* تكلفة الدواء 540 مليار دولار = 15%
* تكلفة المستشفى والأطباء والمساعدون 800 مليار دولار = 22%
* تكلفة الأجهزة الطبية 160 مليار دولار = 5%
– الإجمالي : 3.60 تريليون دولار = 100%

و يتوزع أعباء تلك التكلفة كالآتي .. حيث تتكفل الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات بما قيمته 1.8 تريليون دولار من هذه التكلفة ، في حين يتحمل المواطنون ما قيمته تريليون دولار ، بينما تتحمل جهات العمل أقل من تريليون دولار ، و الجدير بالذكر هو زيادة تكلفة التأمين الصحي بنسبة 740% منذ عام 1984 في حين لم تبلغ زيادة الأجور إلا بنسبة 24% خلال نفس الفترة ، هذا و تنشط لوبيات شركات التأمين الصحي وشركات صناعة الدواء داخل واشنطن وتنفق الملايين من أجل الحفاظ على المنظومة الحالية دون تغيير.
– و يأتي التساؤل الفارق :
هل المنظومة الصحية الأمريكية فاشلة أم ناجحة؟
لا تعرف الولايات المتحدة وجود نظام تأمين صحي حكومي لجميع مواطنيها كما الحال في بقية الدول الصناعية المتقدمة ، وتتبنى بدلاً عن ذلك نظاما مختلطا و معقداً ، ترك ما يقرب من 28 مليون أمريكي أو 8% من إجمالي السكان بدون أي تأمين لتغطية تكاليف الرعاية الصحية المرتفعة ، وقد أدركت الحكومة الأمريكية أن عدد الذين لا يشملهم غطاء التأمين الصحي قد سبب خللا في النظام الصحي لذلك أصدرت قانونا عام 1986 يلزم جميع المستشفيات والوحدات الصحية أن تستقبل حالات الطوارئ لأي مريض بغض النظر عن مقدرته المادية ، وطبقا لإستطلاع رأي أجرته (مؤسسة جالوب) في شهر ديسمبر الماضي ، دعم 54% من الأمريكيين وجود تأمين صحي خاص، وفضل 42% منهم وجود برنامج حكومي موحد لكل الأمريكيين.

أما الدرس القاسي ..
لا يمكن الإعتماد على دولة خارجية (الصين في هذه الحالة) كي تكون مصدراً لأغلب الأدوات والمستلزمات الطبية البسيطة والهامة جدا للتعامل مع حالة طوارئ كانتشار فيروس ، كما أنه لا ينبغي أن نتعامل مع الصحة وحياة البشر كسلعة لها سعر يحصل عليها من يستطيع وقد يضحي بها من لا يقدر .. الرعاية الصحية أحد أهم حقوق الإنسان التي لا ينبغي الجدل حولها وحول حق الشخص في التمتع بها بعيداً عن إمكانياته المادية.

* كاتب صحفي متخصص في الشأن الأمريكي.

Categories:   أعمدة الرأى

Comments