Menu

فلسطين … و مصادرة الانتماء الافتراضي !

بقلم : د. عاطف معتمد*

ملايين من البشر حول العالم من الشتات الهندي والأرمني والأذري والكردي والإفريقي وغيرهم أستبدلوا الوطن الفعلي الذي هجروه وحرموا منه بأوطان أخرى عبر شبكات التواصل الرقمي.
يقول مؤرخ الخرائط “جوردن برانش” إن هذا النوع من الانتماء الإفتراضي يخلق حالة تعويضية بديلة عن الأوطان تخفف نسبيا من آلام فقد الوطن.
أثيرت منذ أيام حالة من الإهتمام العالمي بشكوى مستخدمي الخرائط الرقمية من أن إسرائيل مارست ضغوطا على تطبيق Google Maps لحذف اسم فلسطين ولم يعد موجوداً على الخرائط، فضلاً عن حذف تطبيق إستخدام الطرق الفلسطينية داخل الضفة الغربية وإظهار فقط الطرق الإسرائيلية.

و أود توضيح بعض النقاط هنا للأهمية:
– تطبيق (Google Maps) لم يكن أصلاً يعترف بفلسطين وكان يضع اسم إسرائيل دون فلسطين ، وبالتالي فإن الإثارة الموجودة حالياً ليست صحيحة من حيث إكتشاف شيء جديد بل هي صحيحة منذ سنوات عديدة.
– حذفت Google Maps مسمى “الضفة الغربية” و “قطاع غزة” في عام 2016 وحين أشتكى الناس و ثاروا ، تم اعادة الأسماء مجددا متذرعة بأن خللاً فنياً و فيروسا أصاب التطبيق وأنها أصلحته.
– إذا كان المهتمون قد أثاروا الموضوع رغم أنه قديم إلا أنه يتزامن مع خطوات إسرائيل الأخيرة لإبتلاع الضفة الغربية.
– إسرائيل لا تسعى لتغيير مسميات فلسطين فحسب بل تفعل ذلك مع مناطقها الحدودية مع مصر في شبه جزيرة سيناء ومع الأردن والسعودية، مثلما تحاول مثلا إقناع الجهات الأكاديمية العديدة في رسم الخرائط بحذف مسمى “خليح العقبة” وتسميته “خليج إيلات”.
ومن دون أية مبالغة ولا دروشة عروبية، هناك جهود إسرائيلية حثيثة لمصادرة الانتماء الإفتراضي الإلكتروني لفلسطين بنفس الطريقة التي يتم فيها مصادرة الواقع نفسه على الأرض.
إن حرص إسرائيل على مصادرة الوعي الثقافي والانتماء الإفتراضي يعطي لذلك أهمية تفوق الاحتلال الفعلي ، الأرض قد تتعرض للإحتلال وتغيير هويتها لعقود وربما قرون ، وهذا أمر خطير ، أما الأكثر خطورة فهو إحتلال الأدمغة و استيطان العقول.


* أستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة.

Categories:   أعمدة الرأى

Comments