اليوم العالمي للسلامة و الصحة المهنية
بقلم : د. منال عيد
تحتفل منظمة العمل الدولية – منذ 2003 – باليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية، حيث كان 28 نيسان/أبريل هو اليوم الذي أقرته الحركة النقابية في العالم منذ 1996، بذكرى ضحايا الحوادث والأمراض المهنية ؛ مشددة على الوقاية من الحوادث والأمراض في مكان العمل، مستفيدة من قواها التقليدية في التأثير في عناصر العمل الثلاث ، و إنتهاج الحوار بين الحكومات والمنظمات الممثلة للعمال والمنظمات الممثلة لأصحاب العمل كوسيلة للوصول لبيئة عمل آمنة.
إن السلامة والصحة المهنية في جوهرها تهدف إلى تجنب المخاطر المهنية ؛ و يُعتبر نظام إدارة السلامة والصحة المهنية نهجاً وقائياً يرمي إلى تطبيق إجراءات السلامة والصحة بأربع خطوات ويتضمّن مبدأ التحسين الدائم ، و ترتكز مبادئه على دورة الخطة حيث ينص القانون : وضع الخطة وتنفيذها و تقييم النتائج والقيام بالتحسينات ، هذا إلى جانب ذاك ، حيث يسعى نظام إدارة السلامة والصحة المهنية إلى بناء آلية شاملة ومنظّمة للعمل المشترك ما بين العمّال والإدارة في تطبيق إجراءات السلامة والصحة ، كما يساهم نهج الأنظمة في تقييم تحسّن الأداء في تطبيق إجراءات الوقاية والرقابة و كذلك تشكّل أنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية أداةً ناجعةً في إدارة المخاطر الخاصّة بنوع معيّن من الصناعات أو العمليّات أو المنظّمات ومن الممكن تكييفها مع حالات مختلفة من حاجات الشركات الصغيرة إلى مُختلف حاجات الصناعات المعقّدة والخطيرة كالتعدين والصناعة الكيميائية والبناء ؛ إلا أنه من المستحيل ضمان حسن سير نظام إدارة السلامة والصحة المهنية من دون إرساء قاعدة فاعلة للحوار الإجتماعي في إطار لجان السلامة والصحة أو في سياق الآليات الأخرى مثل تدابير المفاوضة الجماعية، و سعيا إلى إنجاح تطبيق هذه الأنظمة، من الضروري ضمان الإلتزام الإداري ومشاركة العمّال الفاعلة في التطبيق.
وخلال العقود الماضية ، طٌبقت أنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية في شكل واسع في البلدان الصناعية والمتقدّمة من خلال تضمين المتطلّبات القانونية في التشريعات الوطنية وتعزيز المبادئ التوجيهية الوطنية وتفعيل المبادرات الطوعية لإصدار الشهادات ، كذلك من الضروري إعتماد نظام إدارة السلامة والصحة المهنية عند تطبيق إجراءات الوقاية والحماية في مكان العمل لتحسين شروط وظروف وبيئة العمل ، و وفقاً لمبدأ التحسين الدائم ، من الممكن القيام بمراجعة دورية للأداء ما يسمح بالوقاية من الحوادث والأمراض المهنية.
طوال عقدين أو أكثر ، حظي نهج أنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية بإهتمام الشركات والحكومات والممارسين على المستوى الوطني والدولي ومن المتوقّع أن يُضمّن عدد متزايد من البلدان نظام إدارة السلامة والصحة المهنية في برامج السلامة والصحة المهنية الوطنية كأداة لتطوير آليّات مستدامة لضمان تحسين السلامة والصحة المهنية في المنظمات.
وكانت منظمة العمل الدولية أصدرت في العام 2001 مبادئ توجيهية حول أنظمة إدارة الصحة والسلامة المهنية ، وأصبحت هذه المبادئ التوجيهية نموذجاً مُستخدماً لتطوير المعايير الوطنية في هذا المجال ، وبفضل تركيبتها الثلاثية ودورها في وضع المعايير ، تُعتبر منظمة العمل الدولية الجهاز الأنسب لتطوير مبادئ توجيهية دولية بشأن أنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية ، وقد أصبحت المبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة العمل الدولية النموذج الأكثر إعتماداً و استخداما في تطوير برامج إدارة السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني وفي الشركات ؛ كما تقدم منظمة العمل الدولية المساعدة التقنية للبلدان المهتمّة بتطبيق نظام إدارة السلامة والصحة المهنية خاص بها ويقدّم مركز التدريب الدولي التابع لمنظمة العمل الدولية في تورينو، إيطاليا، دروساً تدريبية في هذا المجال.
يعزز اليوم العالمي السنوي للسلامة والصحة في مكانة العمل – في 28 نيسان/أبريل – الوقاية من الحوادث والأمراض المهنية على الصعيد العالمي ، فهو حملة لزيادة الوعي يراد بها تركيز الإهتمام الدولي على حجم المشكلة وعلى كيفية تعزيز و خلق ثقافة الصحة والسلامة التي يمكن أن تساعد على التقليل من عدد الوفيات والإصابات المرتبطة بمكان العمل.
و تقع على كل منا مسؤولية وضع حد للوفيات والإصابات في مكان العمل ..و حيث أن الحكومات مسؤولة عن توفير البنية الهيكلية – القوانين والخدمات – الضرورية لضمان إستمرار قدرة العمال على العمل و لإزدهار الشركات ؛ فإن ذلك يشتمل على تطوير برنامج و سياسة عامة وطنية و نظام تفتيش لإنفاذ الإمتثال لتشريعات السلامة والمهنية والصحة والسياسة العامة المتصلة بها ، كما تقع علينا ، بوصفنا عمال، مسؤولية العمل بصورة آمنة وحماية أنفسنا وألا نعرض الآخرين للخطر ، وأن نعرف حقوقنا والمشاركة في تنفيذ تدابير وقائية.
• المخاطر الناشئة في مكان العمل ربما تتسبب الابتكارات التكنولوجية أو التغيرات التنظيمية أو الاجتماعية في نشوء مخاطر مهنية من مثل:
تكنولوجيات وعمليات إنتاجية جديدة، مثل التكنولوجيا النانوية والتكنولوجيا الحيوية ؛ و ذلك يعني ظروف عمل جديدة و أعباء عمل كبيرة ، وتكثيف العمل الناتج عن تقليص حجم العمالة ، والظروف السيئة المرتبطة بالهجرة للعمل، والوظائف في الاقتصاد غير الرسمي ، و نشوء صور جديدة من الوظائف، من مثل العمل الحر ، و الاستعانة بقدرات خارجية ، والعقود المؤقتة ، بل و ربما برزت على نطاق أوسع من خلال الفهم العلمي الأفضل، على سبيل المثال آثار مخاطر بيئة العمل المصممة بشكل غير سليم والاضطرابات العضلية الهيكلية، و ربما تأثرث بالتغيرات في التصورات المتصلة بأهمية بعض عوامل الخطر ، من مثل آثار العوامل النفسية والاجتماعية على الإجهاد المتعلق بالعمل.
وقد تعلمنا من الأزمات السابقة أن أماكن العمل يمكن أن تكون ذات أهمية حيوية لمنع تفشي الأوبئة والسيطرة عليها، حيث يمكن أن تلعب تدابير السلامة والصحة الملائمة في العمل دوراً حاسماً في إحتواء إنتشار المرض ، مع حماية العمال والمجتمع ككل ، فللحكومات و أصحاب العمل و العمال دور يؤديه كل منهم في معالجة أزمة مرض فيروس كورونا، وتعاونهم هو مفتاح النجاح.
• يوم السلامة العالمي (أو يوم السلامة العالمي في العمل) هو أحد أيام وشعائر الأمم المتحدة ويتم الاحتفال به في 28 أبريل من كل عام ؛ و يركز هذا اليوم على ضرورة الاهتمام بالسلامة وإدراك وتقييم المخاطر التي قد تنجم من العمل نفسه أو من الأعمال الأخرى ذات الصلة.. تم عقد يوم السلامة العالمي لعام 2011 في جنيفا وشدد على نظام إدارة السلامة والصحة (OSHMS) كأداة للتطوير المتواصل لمنع الحوادث في مواقع العمل.
Categories: أخبار, أعمدة الرأى, السلامة و الصحة المهنية