Menu

أزمة “التوكتوك” بين الكسالى والعواطلية وأجهزة الدولة

بقلم : طارق أحمد مصطفى

خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، أصبح “التوكتوك” واحد من مظاهر حياتنا اليومية خاصة فى القرى والمناطق الشعبية، والمناطق المحيطة بمحطات القطارات ومترو الأنفاق. قبل هذه السنوات لم تكن مصر تعرف هذه الوسيلة من وسائل المواصلات والتي جاءتنا من الهند، حيث تسمى هناك “ريكشا”، ولكنها ظهرت فجأة وكان ظهورها لطيفاً خفيف الظل، ساهم فى تسهيل التنقل على الناس خاصة فى المشاوير القصيرة، وفي الطرق الضيقة والمزدحمة وغير الممهدة والتى يصعب على السيارات دخولها، كما أن الدولة قد فرحت به – على ما يبدو – لأنه وفّر فرص عمل كثيرة للعديد من الشباب العاطل وخفف الضغط عليها لإيجاد حلول لمشكلة البطالة.

إلا أنه مع الانتشار السرطاني “للتكاتك”، والإهمال الحكومي فى تنظيمه، والزيادة المطردة في معدلات الطلب عليه واستيراده، تحول هذا الكائن الخفيف الظل إلى صداع حقيقي يصل إلى حد المأساة.

فمن ناحية أصبح من الشائع رؤية أطفال دون سن العمل – متسربون غالباً من التعليم – ينطلقون بطيش شديد بهذا الجعران الحديدي، وأصبح هذا الطيش في قيادة التكاتك هو الظاهرة التقليدية أياً كان قائد التوكتوك، فإذا كنت تعبر الطريق وصادفك توكتوك أو سيل من التكاتك المتسابقة فاعلم أنك مصدوم في الغالب، وكم من حوادث عديدة سببها التوكتوك دون أي رادع، فهذه الكائنات لا تتوقف لأحد ولا تراعي أية قواعد مرورية من أي نوع، وهذا شيئ طبيعي وخاصة أننا لا نرى إدارات شرطة المرور توقف التكاتك أو تطالبها بتراخيص للمركبة أو لقائدها أو تمنعها من الخروج إلى الشوارع الرئيسية وصعود الكباري وكأن الأمر لا يعنيها، هذا بخلاف انتشار استخدامه فى السرقة وخطف الإناث وتعاطي المخدرات وترويجها، ولا ننسى ما سببته ثقافة التوكتوك من المساهمة فى التلوث السمعي ونشر الفن الهابط وما صارت تُعرف بأغاني التكاتك.

ومن جهة أخرى، أثر هذا الانتشار السرطاني كثيراً على رشاقة المصريين ونشاطهم، والمصريات تحديداً، فبعد أن كانت ربة المنزل المصرية تسير نشيطة من وإلى السوق لتشتري مستلزمات أسرتها، أصاب هن داء الكسل وزاد من ثم معدلات السمنة بينهن، ولم يصب الكسل السيدات فقط بل انتشر كذلك بين الشباب والرجال، وهكذا ساهم التوكتوك في القضاء على الرياضة الوحيدة التى كان المصريون يمارسونها يومياً وهي رياضة المشي. ومع زيادة الطلب على التوكتوك رفع السائقون أسعار رحلاتهم التى كانت تتميز بالرخص، حتى اقتربت من أسعار التاكسي في بعض الأحيان.

هذا فضلاً عن أن إقبال “العواطلية” على العمل على التكاتك، سحب من سوق العمل كثير من الشباب الذين كانوا يعملون في المهن الحرفية المختلفة، فأصبحت شكوى أصحاب الورش والمصانع متكررة من افتقادهم للشباب الراغبين على العمل وتعلم الحرف المختلفة، ولماذا يُتعب هؤلاء الشباب أنفسهم في تعلم صنعة وهو قادر على تحقيق مكسب سريع ووفير وسهل في مهن مثل قيادة التوكتوك أو العمل كمنادي سيارات بجوار أي رصيف من أرصفة المدن الكبرى، وهذا كله يطرح السؤال: أليس منا رجل رشيد يقف بجدية لحمايتنا من هذه الأزمات والظواهر الغير سوية التى سببها انتشار التوكتوك؟

Categories:   أعمدة الرأى

Comments