Menu

د. نيازي مصطفى : مصر لم تتاجر بقضية اللاجئين و أطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته.

كتب  :  بسنت منجي و محمد الصيرفي

. التشريع في جوهره هو صناعة لواقع مأمول نسعى إليه لذا هو صناعة صعبة.

• أطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه 5ملايبن لاجئ يقطنون بمصر الآن.

• مصر لم تتاجر بقضية اللاجئين رغم ما تتكبده من أعباء كبيرة.

• نهدف لمكافحة عصابات الهجرة غير الشرعية مع ضرورة حماية المهاجر ذاته.

• لابد من توافر إحصائيات دقيقة لأعداد المهاجرين مع ضرورة تصنيفهم نوعياً و مهنياً.

• نحتاج إلى إرادة سياسية عربية لتفعيل الإتفاقيات المشتركة.

• العمال الفلسطينيون يعاملون معاملة العمالة الوطنية بمختلف الأقطار العربية.

. التشريع في جوهره هو صناعة لواقع مأمول نسعى إليه لذا هو صناعة صعبة.

صناعة التشريع صناعة صعبة.
هكذا أستهل ( د. نيازي مصطفى) ،الخبير القانوني و العمالي، مداخلته في الندوة التي أنعقدت لمناقشة ظاهرة الهجرة غير الشرعية ، و أوضح قائلاً :
إن فلسفة التشريع و جدواه تنهض لتحقيق غاية من أثنتين ، الأولى هي إقرار و تكريس لواقع قائم بالفعل مع وضع الضوابط اللازمة له ، أما الثانية فهي خلق أمر واقع جديد يستند لرؤية أخلاقية و ينبع من إرادة سياسية أو مجتمعية ، ثم أستطرد شارحاً :
و أقول ذلك بحكم مشاركتي الفعلية داخل اللجنة التشريعية في وزارة القوى العاملة حيث عملت على مشروع قانون النقابات و مشروع قانون العمل ، كما أنني شاركت حينذاك في إعداد مشروع قانون للهجرة و كان ذلك قبيل إنفصال وزارة القوى العاملة والهجرة إلي وزارتين مستقلتين ، و تضمن نموذج تشريعي مقترح يشتمل على تعاريف وأحكام عامة في فصلين عرفنا فيهما : المهاجر والمهاجر الغير شرعي والمهرب و مجموعات الهجرة الغير شرعية و وسائل الدخول غير المشروعة مثل وثائق سفر مزورة والهوية المزورة ، و قمنا بتعريف ما هي الهجرة الدائمة والهجرة المؤقتة و دولة المهجر و دولة الممر و العودة القسرية و غيرها ، و أقترحنا وقتذاك تنظيم شركات لمساعدة راغبي الهجرة بشكل حقيقي و شرعي.
كما تناولنا في الفصل الثاني حرية الهجرة و نطاق تصنيف الأحكام ، حيث أهتم القانون بالعمل على ربط المهاجرين بمجتمعهم. و كان الباب الثالث يستهدف التعاون القضائي الدولي بشأن الهجرة غير الشرعية ، بإعتبارها قضية دولية كبري لابد من التصدي لها مع إنشاء صندوق لمكافحتها ، مع ضرورة حماية المهاجرين والشهود في تلك الجرائم و التي تقوم بها عصابات منظمة لكي نتمكن من إدانتهم ، فكان الهدف هو إيجاد الوسيلة الناجعة لحماية المهاجر الغير شرعي و الذي يرغب في العمل والعيش من الملاحقة القانونية ، و في الوقت نفسه نستهدف وضع العقوبات الملائمة لأولئك الذين ينخرطون في جرائم

* لابد من توافر إحصائيات دقيقة لأعداد المهاجرين مع ضرورة تصنيفهم نوعياً و مهنياً.

ثم أشار (د.نيازي) للصعوبات التي واجهت صناعة هذا القانون حيث أنه يحتاج إلى توافر معلومات دقيقة و بيانات تفصيلية ، بينما نحن نعاني من مشكلة حقيقية في هذا المجال حتى أن بعض الإحصائيات تتضاربت بين الجهات الحكومية المختلفة ، و هذا يرشدنا على وجوب توافر إحصائيات حقيقية و سليمة تتعلق بموضوع الهجرة ، فمثلاً لقد ذكرت منظمة الهجرة أن مصر يقطن بداخلها خمسة ملايين مهاجر ، فهل قامت الدولة المصرية بتصنيفهم نوعياً و مهنياً ؟ ، بمعنى كم هي أعداد الأطفال و الرجال والنساء والشيوخ ، ومن منهم في قوة العمل ، و ما هي المهن التي يعملون بها ؟ .. و أعتقد بأهمية ذلك الجانب لكي نعظم الإستفادة المرجوة من تواجدهم داخل المجتمع المصري.

ثم أشار لضرورة التفرقة بين فئتين من المهاجرين داخل مصر ، الفئة الأولى هم العمالة المهاجرة الذين يعملون بشكل شرعي داخل سوق العمل لاسيما أولئك الذين دخلوا مصر بشكل قانوني لغرض العمل ، وهذا يكفله القانون المصري الجديد للنقابات رقم ٢١٣ لعام ٢٠١٧ و الذي يتيح للعامل الأجنبي أو المهاجر المقيم الإنضمام الي النقابات عن طريقين اما أن يكون يعمل لحساب نفسه فينضم للجنة المهنية أو أنه يعمل في مصنع أو شركة فله الحق في الإنضمام الي اللجنة النقابية التابعة له شأنه شأن العامل المصري تماماً دون أي شروط فقط يلتزم بدفع الإشتراك الشهري للنقابة. أما الفئة الثانية فهي فئة اللاجئين الذين لجأوا إلى مصر نتيجة الظروف الإقليمية.

* نحتاج إلى إرادة سياسية عربية لتفعيل الإتفاقيات المشتركة.

ثم أسهب د. نيازي في شرح الأطر القانونية الدولية التي تنظم الهجرة ، فقال :
وإذا نظرنا الى الجوانب القانونية التي تنظم الهجرة ومعاملة المهاجرين و أسرهم في بلاد المهجر ، فنجد أنها كانت محط إهتمام الكثير من الدول و المنظمات الدولية ، و أهمها إتفاقية أصدرتها الأمم المتحدة سنه 1990 و هي إتفاقية ” رعاية العمالة المهاجرة وأسرهم ” ، و لقد قامت مصر بالتصديق على تلك الإتفاقية ، بمعنى أنها تمثل إطاراً قانونياً ملزماً و ذلك طبقاً للدستور المصري.
و أيضاً وفي هذا الإطار .. توجد إتفاقيات لمنظمة العمل العربية ، و هدفت هذة الإتفاقيات العربية إلى تيسير إنتقال الأيدي العاملة و تنظيم معاملة الوافدين والتعامل معهم ، و هذا منصوص عليه بشكل واضح داخل مجموعة من الإتفاقيات العربية، منها :
الإتفاقية رقم٢ لعام ٦٧ & إتفاقية ٤ لسنة ٧٥ بشأن تنقل الأيدي العاملة & إتفاقية رقم ٨ لسنه ٧٧ بشأن الحريات والحقوق النقابية & إتفاقية رقم ١٤ لسنه ٨١ بشأن حق العامل العربي في التأمينات الإجتماعية عند تنقله للعمل في أحد الأقطار العربية.
لكن في الحقيقة نحن نحتاج الى إرادة سياسية حقيقية لكى نتمكن من تحويل النصوص لواقع معاش ، فجميع الدول العربية تقريبا موقعة على هذه الإتفاقيات ، و لكن أين الإجراءات التنفيذية من جانب الدول ؟
أما بالنسبة للفلسطينيين فلهم معامله خاصه نتيجة ظروف الاحتلال الاسرائيلي لذلك هم يعاملون معاملة العمالة الوطنية في مختلف الدول العربية.

أما بالنسبة للإتفاقية الدولية التى سبق ونوهنا عنها و التى أصدرتها الأمم المتحدة سنة ١٩٩٠ ، فهي إتفاقية غاية في الأهمية لما تضمنته من مفاهيم قانونية عن اللاجئين و الضمان الإجتماعي لهم ، و عن حق هؤلاء العمال المهاجرين في الإنضمام الى النقابات العمالية الوطنية. لذلك أثناء طرح قانون النقابات العمالية للنقاش كان هنالك ثمة إقتراح بأن يكون أحد شروط الإنضمام أن يكون العامل عاملاً مصرياً ، وتم رفض ذلك تماماً استناداً لهذه الإتفاقية الدولية و بالفعل صدر القانون دون إشتراط ذلك الأمر. ولا ننسى أنه في فترتي الأربعينات والخمسينيات كانت بعض العمالة من اليونانيين والإيطاليين وغيرهما ، بل إنهم كانوا جزءً من تركيبة المنظمات النقابية العمالية المصرية و بعضهم كان من قيادات العمل النقابي التي دافعت عن حقوق العمال.

* مصر لم تتاجر بقضايا اللاجئين رغم ما تكبدته من أعباء كبيرة

و أنتقل نيازي لشرح التأثيرات الإقليمية في الداخل المصري ، فقال :
ولا ننكر أن لدينا مشكلات متعلقة بتصاريح الإقامة و تصاريح العمل في مصر ، و لكن ما حدث من تدفق غير مسبوق للاجئين من الدول الشقيقة مثل ليبيا وسوريا واليمن أدى إلى تحملنا لأعباء كبيرة ،

بينما تاجرت غيرنا من الدول بهذه القضية الإنسانية و حصلت من المجتمع الدولي و من دول أوروبا تحديداً على مبالغ طائلة تقدر بمليارات الدولارات مقابل أن تمنع إنتقال هؤلاء الى الدول الأوروبية ، ولكن مصر لم تفعل ذلك فعلي الأقل لابد أن يقدر هذا الأمر لصالح الدولة المصرية التى تمر بظروف إقتصادية صعبة للغاية.

* نهدف لمكافحة عصابات الهجرة غير الشرعية مع ضرورة حماية المهاجر ذاته.

ثم أنتقل د. نيازي ، لمناقشة ظاهرة لجوء بعض الشباب المصري للهجرة غير الشرعية ، فقال :

إن مصر تعد من الدول التي يسلكها المهاجرون إلى أوروبا ، و علينا مجابهة ذلك و العمل على إصلاحه ، ولا أعلم لماذا نحن كدولة تعاملنا مع ذلك الأمر عن طريق صدور قانون يعالج الهجرة الغير شرعية ويضع العقوبات على من يقوم بهذا العمل فحسب بينما لدينا إطار دستوري يسمح لهم بالهجرة ويسمح لهم بالعمل في أماكن أخرى والإقامة فيها.

وهنا أطالب بضرورة أن نصدر قانوناً حقيقياً يتضمن كل ما يتعلق بالهجرة من أول الإستعداد للهجرة لأن الإستعداد لها ليس بالسهل ، فلابد من وجود مراكز في مصر تقوم پإعداد أولئك الراغبون في الهجرة وفقاً للبلدان التى يسعون للهجرة إليها من حيث لغة و ثقافة البلد ، و كذا الهياكل القانونية والإجتماعية و السياسية حتي يتمكن المهاجر من الإندماج داخل المجتمعات المهاجر اليها ، لاسيما مع تنامي تيارات اليمين المتطرف والعنصرية والطرد التعسفي.
وفى النهاية أقول أن التشريعات والقوانين هى ترجمة لواقع مأمول تسعى إليه الإرادة الجمعية للمجتمع ، بمعنى .. أين نريد أن نبقى و في أي موضع ؟ لذلك علينا أن نتفق على ما نريد من معلومات وإحصائيات ثم نتولى مثل هذا الامر.

Categories:   أخبار, أعمدة الرأى

Comments