Menu

الصبر عُدَّةٌ و ضياء

بقلم : محمد محمد فضل فتح الباب*

الصبر هو الصمود المستمر على الأشياء المؤلمة نفسياً وتحملها بروحٍ عالية، ونفسٍ طيبة، دون إظهار ملامح الإستياء والانفعال على الوجه بحيث لا تكون مرئية أو محسوسة من قبل الآخرين وهو واجب عند المصائب. فالصبر ضياءٌ ينير الله به دروب الحائرين ، ويهدي به إلى صراطه المستقيم ؛ و الصبر عونٌ على دوام الطاعة ولزوم العبادة و الإستقامة ؛ و الصبر عُدّة المسلم في مجاهدة النفس على ترك الذنوب والخطايا، الصبر عزاء المسلم عند نزول الكروب وحلول البلايا؛ فلولا الصبر لغرق المهموم في همومه ، و لضاق الحزين ذرعًا بأحزانه و كربه.

– ما أهم انواع الصبر ؟
لقد قال العلامة “إبن القيم” : إن الصبر على ثلاثة أنواع : صبر بالله ، وصبر لله، وصبر مع الله. فالأول: صبر الاستعانة به، ورؤيته أنه هو المصبرّ، وأن صبر العبد بربه لا بنفسه، كما قال تعالى:
(وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) [النحل:127]. يعني: إن لم يصبرك هو سبحانه، فلن تصبرن.
و الصبر أيضاً على ضروب ثلاثة : الصبر عن المعاصي ، والصبر على الطاعات و العبادات ، والصبر عند الشدائد و المصيبات، فأفضلها الصبر عن المعاصي بتجنبها و نهي النفس عن إقترافها أو الخوض فيها ؛ بينما أوجبها هو الصبر عند البلاء؛ أما أكثرها عافية للمؤمن فهو الصبر على أداء الطاعات و العبادات.

– أسماء الصبر
فإنْ كان في مصيبةٍ فهو الصبر (وضدّه الجزع والهلع)؛ وإنْ كان في حرب سُمّي شجاعة (ونقيضُه الجبن)؛ وإنْ كان في كظم غيظ وغضب سُمّي حلمًا (وعكسُه التذمّر)؛ وإنْ كان في نائبةٍ من نوائب الزمان سُمّي سعة صدر (وعكسُها الضجر والتبرّم). و لقد بشرنا رب العرش الكريم بجزاء الصابرين المحتسبين عملهم لله رب العالمين؛ حين قال في كتابه العزيز :
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر :10]

– إن حياة الناس كافةً تفيض بالعثرات و العقبات؛ لكن منْ يقل عند الشدائد صبرهم يُضخّمنها ، فتتأزم نفسه .. بينما يجابهها البعض الآخر بالصبر الجميل فيضعها في حجمها الطبيعي ، أما من يتحلى بالرضا و اليقين فيتقبلها بنفسٍ مطمئنة فتنكمش العقبات و تتضاءل .. فينطلق متفكراً في القادم.
وتمر بالحياة إشاراتٌ صغيرة تساعدك على التغيير في حياتك.. فإياك أن تستهين بها ! إلتفت إليها، و قف عندها !
فقد تكون نقلةً لحياةٍ أفضل وأجمل.
فإذا جاءك اليأس ليحدثك عن المستحيل ؛ فحدثه عن قدرة ربّ العالمين ؛ و أتل قوله تعالى :
﴿ إنَّما أمرُهُ إذا أرادَ شيئًا أن يقولَ لَهُ كُنْ فَيَكون ﴾

* نائب رئيس اللجنه النقابية بالمؤسسة الثقافيه العمالية ( الجامعة العمالية)

Categories:   أعمدة الرأى

Comments